موضعها تلقاه أينما يممت وجهك في كتب العقائد والتفسير وشروح الحديث بل وكتب اللغة وأصول الفقه (بعد عصر الآئمة وظهور نظرية المجاز واختلاط بدع الأشاعرة ببدع المعتزلة وتصنيف الفريقين في العلوم يدسون ضلالهم في تضاعيف هذا التصنيف) ...

صارت النصوص تُفسر وفقاً للآلية التالية ..

1 - يُقبل العالم بوجهه على النص فيتبادر إلى فهمه منه مراد معين ..

2 - يتحكم في هذا المتبادر عوامل شتى أهمها: الوضع اللغوي الأول للألفاظ-كما يرون-،والسياق، وخلفية العالم العلميةومدى استحضاره للجزئيات العلمية المتعلقة بهذا النص من أدلة أخرى أو تفسيرات مسبقة قرأها وتلقاها لهذا النص ..

3 - وبما إن التنبه لدلالة السياق واستحضار تلك الخلفية العلمية أو حتى وجودها من الأساس شئ يتفاوت فيه الناس=فقد كان المهيمن الأول على هذا المتبادر والذي يُسعى إليه للتقويم هو الوضع اللغوي الأول ..

4 - وصار القانون الأصولي على هذا النهج: المتبادر للفهم وفقاً للوضع اللغوي (متضمناً الحقائق الأربع عند من يرى أنها حقائق لا مجازات) هو ظاهر اللفظ ..

5 - فإن لم يحتمل النص معنى غيره كان: ((النص)) (عند من يفرق بين النص والظاهرعلى طريقة المتكلمين .. وللأحناف طريقة أخرى في التفريق بين النص والظاهر) ..

6 - فإن احتمل معاني أُخر (سمي الظاهر) ووجب التمسك بهذا الظاهر فلا يُزال عنه إلا بقرينة ..

7 - وحينها يُعد من القرائن: السياق، والأدلة الخارجية من القرآن والسنة .. و ... و ...

8 - فإن قام الدليل على صرف هذا النص عن ظاهره سمي النص (مؤول) وسميت هذه العملية (التأويل) ..

الآن وقد اتضحت هذه الآلية .. فأنا أسلم أنه صارت عليها القرون من بعد عصر الآئمة إلى زماننا هذا .. وكان عليها أغلب العلماء ...

ثم أجد في نفسي القوة لأزعم أنها طريقة باطلة في تفسير النصوص ..

ثم أجد في نفسي القوة لأزعم أن أحداً من السلف الصالح، القرون المفضلة، الصحابة والتابعون وأتباعهم، بل وعصر الأئمة=لم يسر عليها أو يستعملها ..

ولأن الباطل لا يكاد يأتي صريحاً قط بل لابد له من التسربل ببعض سرابيل الحق فقد اشتبهت هذه الطريقة على الناس وظنوها صحيحة قويمة ..

وأعظم ما لبس به لتصحيحها هو عربية القرآن كما ذكرتُ ..

وليست عربية القرآن بما ينفع التمسك به هنا .. فلا شك أن القرآن عربي وأن سنن العرب في كلامها مما يُنتفع به في فهم مراد الله ومراد الرسول .. ولكنهم إنما أخذوا من كلام العرب شيئاً واحداً سموه: الوضع اللغوي الأول .. وجعلوه هو ظاهر اللفظ الذي لا يُخرج عنه إلا بدليل ... فمن أين لهم إثبات الوضع اللغوي (؟) ومن أين لهم أن هذا المعنى بعينه هو الوضع الأول (؟؟) ومن أين لهم أن الله تبارك وتعالى أراد هذا المعنى بعينه (؟؟) ومن أين لهم أن النبي () لم يخرج عن لسان العرب في هذا اللفظ بالذات إلى لسانه هو الذي يُفارق لسانهم أحياناً ... واسأل ما شئت بعد ذلك فلا جواب عندهم ..

وكان الواجب والطريق الصحيحة فيما نزعم أنه مادام ثبت أن اللفظ العربي يستعمل في عدة معاني وأن لسان النبي () قد يُفارق لسان قومه إلى لسان جديد أوجده الشرع=وجب عندها أن يُقف فلا يُقال أراد معنى من المعاني إلا بدليل ..

أما أن يُستند إلى مجرد الوضع اللغوي فبيقال: أراد كذا فلا يُصرف عنه إلا بدليل فهذا هو التألي بعينه فيما نرى ..

ثم هذه الطريقة أصلاً لا فائدة منها .. فكثير من نصوص الشرع لا يُستطاع التعامل مع نص فيها بمفرده و لا تفسر على وجهها إلا إذا جمعت مع غيرها ... فما فائدة التمسك بهذا الظاهر أصلاً (؟؟!!)

وإذاً فنحن نثبت من كلام هؤلاء حقاً نوافقهم فيه وننفي منه باطلاً نخالفهم فيه ..

أما الحق الذي نُثبته فهو:

((خاطب الله بكتابه العربَ بلسانها على ما تَعْرِف مِن معانيها وكان مما تعرف من معانيها: اتساعُ لسانها وأنَّ فِطْرَتَه أنْ يخاطِبَ بالشيء منه عامًّا ظاهِرًا يُراد به العام الظاهر ويُسْتغنى بأوَّل هذا منه عن آخِرِه. وعاماً ظاهراً يراد به العام ويَدْخُلُه الخاصُّ فيُسْتَدلُّ على هذا ببَعْض ما خوطِبَ به فيه وعاماً ظاهراً يُراد به الخاص. وظاهراً يُعْرَف في سِياقه أنَّه يُراد به غيرُ ظاهره. فكلُّ هذا موجود عِلْمُه في أول الكلام أوْ وَسَطِهِ أو آخِرَه

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015