ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[09 Jul 2008, 09:33 م]ـ

هذه مدارسة علمية غير ملزمة قلتها على حب للباحث والبحث ولمن تفضل بعرضه والله الموفق والمستعان

أحبك الله الذي أحببتنا لأجله، وبعون الله- وفي أقرب فرصة- سأنقل مدارستكم العلمية، لأستاذي الحبيب الدكتور السيسي، فهو المعني بذلك، وله الموافقة أو الرد بما يراه، وللعلم الموضوع المذكور مبحث مستل بتلخيص من أطروحته للدكتوراة الموسومة بعنوان (الاتجاه الاجتماعي في التفسير في العصر الحديث)، وهي رسالة مهمة قيمة، والأسف أنها ما تزال مركونة بترقيمها في مكتبة الكلية، ولعل الأستاذ الفاضل لم يجد المطبعة المناسبة في المغرب، التي تقدر قيمة ما لديه، وفهمت ذات مرة أنه مطالب بتسويقها هو بعد طبعاتها، وشيء من هذا القبيل.

وجزاكم الله خيرا أستاذي الحبيب على اهتمامكم ومداخلتكم القيمة، ولا عدمنا أمثالكم، وسأكمل ما بدأته، وماطلب فضيلتكم إتمامه، في المشاركة اللاحقة أدناه، وتقبل مزيد شكري، وفائق احترامي.

ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[09 Jul 2008, 10:09 م]ـ

المحور الثاني: السنن الاجتماعية: الصياغة والتوظيف:

إن تدبر كتاب الله تعالى وفقه قضاياه وما يدعو إليه يجعلنا ندرك أن موضوعه هو الإنسان وما عليه مدار نجاحه وخسراته ودعوته إلى المنهج السليم والأخذ بيده إلى هذا المنهج ليستقيم عليه كما أمر، فقد وصف القرآن الكريم نفسه بأنه يهدي للتي هي أقوم وأنه هدى ورحمة ومن آيات هدايته: (*)

1 - إعلام الإنسان بأن الله قد بوأه مكان الخلافة في الأرض وسخرها له، وأقدره على استعمارها ومعرفة قوانينها لتسخيرها، قياما بأمر الخلافة.

2 - وضع بين يديه المبادئ والقواعد القوية والأسس الفكرية والخلقية للنظام المثالي الممكن التطبيق في الواقع البشري، وما السنن الاجتماعية في القرآن الكريم إلا مظهر من مظاهر تلك القواعد الكلية والمبادئ الأساسية التي تهدي الإنسان إلى التي هي أقوم بقدر العلم بها والكشف عن منهج عملها والعمل على توظيفها في واقعه ومن ثم تسخيرها بحسب ما يتطلبه هذا الواقع، وتلك منهجية قرآنية صرفة تؤخذ اقتباسا من الترتيل الحكيم – قضايا وأساليب- في حديثه عن واقع المجتمعات والأمم –قبل وأثناء ظهور الإسلام- يرصد الأحداث ويحدد الوقائع ويصف الممارسات، ثم يبين شروط النهوض والتمكين ويوضح أسباب الانهيار والانحطاط (1).

وإن اهتمام مفسري الاتجاه بأمر المجتمع والسنن التي تحكم صيرورته ليست بدعا في مجال علم التفسير، ولا هي من مستجدات هذا العلم في العصر الحديث، لأن القرآن الكريم قد علم الرعيل الأول من المسلمين طبائع الملل وقوانين الاجتماع وحوادث التاريخ (2)، حيث كان التعامل مع هذه السنن والقوانين بشكل تلقائي (3). ومن هذا المعنى قول الإمام علي معلقا على إحدى معاركه "إن هؤلاء قد انتصروا باجتماعهم على باطلهم، وخذلتم بتفرقكم عن حقكم (4) ولقد بقي الأمر على هذا الحال إلى أن غابت عن المجتمع الإسلامي سنن التبصر بالعواقب غفلة عن سنن الله في الأنفس والآفاق فدالت دولة الإسلام وذاقت مجتمعاته وبال أمرها فسادا عمرانيا وسقوطا حضاريا لما تركت سنن التحصين والصيانة، التي تحرس موروث سنن البناء والتمكين (5). حتى قيض الله لهذه الأمة في العصر الحديث من تنبه إلى الثروة السننية التي يزخر بها القرآن الكريم، و إلى غفلة المسلمين عنها، وشدة حاجتهم إلى تصحيح اعتقادهم في أفعال الله تعالى ومشيئته في خلقه، وأنها تنفذ وفق سنن حكيمة وطرائق قويمة، فمن سار عليها ظفر بمشيئة الله، ومن تنكبها خسر بما كسبت يداه (6).

وإن تأمل السياق التفسيري لموضوع السنن في تفاسير المحدثين يقضي بعرضها اعتبارا لموضوعها ومجال تحكمها في ثلاث مجالات: من جهة كونها تأسيسا وبناء لواقع جديد، ومن جهة كونها تحصينا لهذا الواقع إذا هو تأسس، ومن جهة كونها تحذيرا للطرف الفاعل في هذا الواقع من مغبة السقوط والانهيار (7) تبعا للمقصد الذي تدل عليه السنن بالنص أو الإشارة أو الإرشاد، استنهاضا وتكليفا، أو تصحيحا وتقويما، أو تنبيها وتحذيرا، وذلك بهدف الوصول "بفكر المسلم إلى إدراك هذه السنن من القرآن الكريم والتحقق بأبعادها لتصبح فقها تغييريا، ومناخا فكريا تربويا، يمكن أن تنشأ عليه الأجيال من خلال النظر في القرآن (8).

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015