إن الدافع القوي والرغبة الذاتية في حفظ القرآن الكريم، وارتفاع الروح المعنوية والهمة أساس لحفظ القرآن الكريم، إذ لا بد من الشعور بالسعادة أثناء التلاوة، ولا يتجاوز الأمر كونه مجرد أمنية وحلم يقظة، فالقرآن الكريم له حلاوة خاصة، ولذة مصاحبة يدركها من يبحث عنها ويتحراها، ولا بد أن يصاحب الدافع الذاتي هِمَّة عالية وعزيمة صادقة حتى لا تفتر بعد مدة قصيرة، ولا يكل من النظر في كتاب الله سبحانه، ولا يشبع من تلاوته.
ويمكن أن يجد الإنسان هذه العزيمة الصادقة بمعرفته لعظمة القرآن ومكانة أهله، والفضل الجزيل لقارئه ومستمعه، وخصوصية حملته، فقد وصفهم الله تعالى بالخيرية، ووعدهم برفع درجاتهم، وكثرة حسناتهم، وزيادة إيمانهم، وجعله لهم هدى وشفاء ورحمة (1).
ومن صور المحفزات النبوية لحفظ القرآن الكريم ومدارسته:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال ?: ((يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرْءان اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا)) رواه أبو داود/1464، و انظر صحيح الترمذي /2914.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كان النبي ?: ((يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ)) رواه البخاري/ 1343.
وعن عمر بن الخطاب ? قال: قال ?: ((إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)) رواه مسلم/817.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال ?: ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْءانِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْءانَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)) رواه البخاري /4937، مسلم/798،أي: أجر القراءة وأجر المشقة، أما الماهر بالقرآن فهو أرفع درجات وأعظم أجرًا لأنه يكون مع الملائكة السفرة الكرام.
وعن عبد الله بن مسعود ? قال: قال ?: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ ?الم? حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ)) رواه الترمذي/ 2910.
5 - الفهم طريق الحفظ
تدبر الآيات وفهمها من أعظم ما يعين على الحفظ، ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض، لذلك فإنه ينبغي على الحافظ أن يقرأ تفسير بعض الآيات والسور التي يحفظها، وعليه أن يكون حاضر الذهن عند القراءة، ليستطيع أن يربط بين الآيات، ويلاحظ ارتباط المعنى.
ويجب عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس، وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن شت الذهن أحياناً عن المعنى وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيراً، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، خاصة عند القراءة الطويلة.
قال الإمام النووي: ثبت في صحيح مسلم- رحمه الله- عن تميم الداري ? قال: قال ?: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)) مسلم.
قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، ولا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم، ثم تعظيمه وتلاوته حق التلاوة، وتحسينها، والخشوع عندها، وإقامة حروفه في التلاوة وأن يذبَّ، عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين، وأن يصدِّق بما فيه، ويقف مع أحكامه ويتفهم علومه، وأمثاله، ويعتبر بمواعظه، ويتفكر في عجائبه ويعمل بمحكمه، ويسلم لمتشابهه، ويبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، وينشر علومه. اهـ (1).
من كتاب طرائق تدريس القرآن الكريم / لأخيكم جمال القرش
ـ[جمال القرش]ــــــــ[08 Jul 2008, 04:27 م]ـ
تابع أساليب معينة على الحفظ
6 - تقسيم النص القرآني إلى وحدات
¥