ومن الأمثلة أيضاً ما ورد في تفسير قوله تعالى:} وَإن مِّن شَيْءٍ إلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ| (الحجر: 21) يقول ابن عباس: (ما نقص المطر منذ أنزله الله، ولكن تمطر أرض أكثر مما تمطر أخرى) ثم قرأ هذه الآية (16)، ومثل ذلك ورد عن ابن مسعود (17) والحسن (18).

ويقول الحكم بن عتبة ـ رضي الله عنه ـ: (ما من عام بأكثر مطراً من عام ولكنه يمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان في البحر) (19).

وهكذا فالأمثلة على ذلك كثيرة وكتب التفسير بالمأثور ـ كما ذكرت سابقاً ـ غنية بالأمثلة، وإنك لتجد في بعض ما أوردته من المأثور من التفسير أصبح أقرب للثوابت العلمية في وقتنا كإحصاء هطول الأمطار مع تعقد آلية إحصائها (20)، هذا مع عدم وجود فكرة إحصاء هطول الأمطار في بال أحد من الأمم في عصرهم ولا يملكون الدراية التجريبية لها.

الهوامش:

(1) منهج التفسير العلمي وتطبيقاته في سورة النحل، مرهف سقا ص39 رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة أم درمان، بإشراف الأستاذ الدكتور نور الدين عتر.

(2) انظر تفصيل حال ا لعلوم عند العرب قبل الإسلام وصدره: الملل والنحل للشهرستاني 3/ 83 إلى 89 ط مصر، وما كتبه محمد فؤاد الناكري في مقدمة دراسته لكتاب: (في بيان الحاجة إلى الطب والأطباء ووصاياهم) للعلامة قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي ت 710هـ من ص12 إلى ص38، فقد أعطى نظرة تاريخية للطب وعلومه في الجاهلية والإسلام، ط الإمارات الأولى.

(3) انظر: الاتجاهات الفكرية في التفسير د. الشحات السيد زغلول ص107 إلى ص109، ط الهيئة المصرية العامة، ثانية 1397، 1977.

(4) أخرجه الحكيم الترمذي والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات بإسناد جيد كما قال السيوطي في الدر المنثور 6/ 630، مطبعة الأنوار مصر، ومما يدخل في معنى حديث مالك بن الحويرث أيضاً ما أخرجه ابن جرير 30/ 56 ط الميمنية، والبخاري في التاريخ وابن المنذر وابن شاهين وابن قانع والطبراني وابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي 6/ 359 عن علي بن رباح عن أبيه أن النبي قال له: ما ولد لك؟ قال: يا رسول الله! ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية؟! قال: فمن يشبه؟ قال: يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه!! فقال النبي عندها: مه!، لا تقولن هذا، إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم، فركب خلقه في صورة من تلك الصور، أما قرأت هذه الآية في كتاب الله (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار: 8)، قال: سلكك) وفي رواية: (من نسلك ما بينك وبين آدم). والحديث من طريق مطهر بن الهيثم عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن جده، ومطهر هذا شيخ يروي عن موسى بن علي، قال ابن حبان في المجروحين 3/ 26: (روى عنه أبو همام الوليد بن شجاع، منكر الحديث يأتي عن موسى بن علي ما لا يتابع عليه وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات). قال ابن كثير: (وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به، وهذا الحديث لو صح لكان فيصلاً في هذه الآية، لكن إسناده ليس بالثابت .. ) تفسير ابن كثير ص1404، ثم قال ابن كثير: (ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلاً قال يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، قال: (هل لك من إبل؟) قال: نعم، قال: (فما لونها؟) قال: حمر!، قال: فهل فيها من أورق؟، قال: نعم! قال: فأنى أتاها ذلك؟، قال: عسى أن يكون نزعة عرق! قال: (وهذا عسى أن يكون نزعة عرق). وهذا الحديث يمكننا اعتباره من شواهد معنى الحديث السابق وحديث مالك بن الحويرث. والله أعلم.

(5) انظر مثلاً تفسير الآية 11 من سورة الحج في الدر المنثور للسيوطي 4/ 378، وكذلك انظر كتاب هدي القرآن الكريم إلى معرفة العوالم والتفكر في الأكوان للمحدث المفسر الشيخ عبدالله سراج الدين ـ رحمه الله ـ، فإني أعتبره من أنفس كتب التفسير التي ينطبق عليها مصطلح (التفسير العلمي) واتبع فيه المؤلف ـ رحمه الله ـ منهجاً منضبطاً يمكن اعتباره نادرة بين كتب التفسير في موضوعه والله أعلى ويصلح أن يكون هذا الكتاب مثالاً للتفسير العلمي عند السلف الصالح أيضاً الذي سنتحدث عنه.

(6) أخرجه سعيد بن منصور كما في الإتقان 2/ 226 ط دار الفكر بيروت.

(7) أخرجه ابن أبي شيبة في المنصف 7/ 148 تحقيق كمال يوسف الحوت ط مكتبة الرشد الريال أولى 1409، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 4/ 68 ط الرسالة 1413هـ.

(8) الإتقان 2/ 126.

(9) انظر: قواعد وأسس أبحاث الإعجاز العلمي على موقع هيئة الإعجاز العلمي.

(10) أخرجه ابن جرير 20/ 73 تحقيق أحمد شاكر ط الرسالة أولى، وابن المنذر وابن أبي حاتم انظر الدر المثور 5/ 7.

(11) أخرجه ابن جرير 19/ 18 ط الرسالة.

(12) أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 5/ 7.

(13) أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 5/ 7.

(14) ابن جرير 30/ 55، وعبد ابن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور 6/ 360.

(15) ابن جرير 30/ 56، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور 6/ 360.

(16) أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم أنظر الدر المنثور 4/ 107.

(17) أخرجه ابن جرير 14/ 13 و 14، والخرائطي في مكارم الأخلاق ص103 رقم (486).

(18) أخرجه أبو الشيخ كما في الدر المنثور 1/ 40.

(19) أخرجه ابن جرير 14/ 14، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة كما في الدر المنثور 4/ 107.

(20) انظر كتاب: الركام المزني والظواهر الجوية في القرآن الكريم من ص205، إلى ص212، تأليف صلاح الدين عارف جنيد تقديم جودت سعيد وبسام مهمندار، الخبير في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ط مطبعة الزرعي في دمشق أولى 1999

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015