? صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس وقد ذهب عنه الناس فلا يعرفه إلا الآحاد منهم فيسلم الكافر , ويسكت المعارض لمعرفة صدقه وإن لم يسلم ومن ذلك ما حصل من تأثر الجن

** سبب تعذر البشر عن الإتيان بمثل القرآن:

أولا: أنهم لا يحيطون علما بجميع أسماء اللغة العربية وألفاظها

ثانيا ولا تدرك أفهامهم ميع المعاني المحمولة على تلك الألفاظ

ثالثا ولا تكمل معرفتهم لاستيفاء جميع وجوه النظم فتعذر أن يأتوا بمثله

وبعبارة أخرى نقول ما نصه: فإذا عرفت هذه الأصول تبينت أن القوم إنما كاعوا وجبنوا عن معارضة القرآن لما قد يئودهم ويتصعدهم منه وقد كانوا بطباعهم يتبينون مواضع تلك الأمور ويعرفون ما يلزمهم من شروطها ومن العهدة فيها ويعلمون أنهم لايبلغون شأوها فتركوا المعارضة لعجزهم وأقبلوا على المحاربة لجهلهم فكان حظهم مما فروا إليه حظهم مما فزعوا منه (فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) والحمد لله رب العالمين

**أقوال المعاندين للقرآن ووجه تلبيسهم

? أولا: إنه شعر وذلك لما رأوه منظوما

? ثانيا: أنه سحر لأنهم عجزوا عن محاكاته وأنه يؤثر في النفوس تأثيرا عجيبا

? ثالثا: أنه أساطير الأولين اكتتبها وهذا من جهلهم وتكذيبهم فهم يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب

? رابعا: أنه قول البشر وهذا حين لم يقدر أن يفتري له قولا ونفى ما قيل عنه قال هذا القول كما وصف القرآن حال الوليد

**شبه المنكرين لإعجاز القرآن

? أولا: أن القوم لم يعارضوه لعجزهم فهم عرب فصحاء والقرآن جاء بما يتخاطبون به ولو أرادوا لسهل عليهم وإنما كرهوا التطويل وأرادوا معجلته بالهلاك

? والرد عليه: أنه قد تبين مما سبق أن ما اجتمع من القرآن لا يمكن أن يحيط به بشر وإذا كانت الأسماء اللغوية لا يجوز أن يحيط بها إلا نبي , وقد كان ابن الخطاي لايعرف (الأب) فكيف بالمعاني التي تحملها الألفاظ فهي أشد, وكيف بالنظم فالحاجة لحذقه أصعب وأدق

? ثانيا: أن الغريب المشكل فيه بالنسبة للكثير منه قليل

? الرد عليه: أنه ليس من شرط البلاغة وجود الغريب ووحشي الغريب لا يكثر إلا في الأجلاف الأوحاش

? ثالثا: عد التسليم ببلاغة القرآن فهناك بعض الوجوه وقعت في القرآن لو جيء بوجوه غيرها لكانت أفصح مثل (أكله الذئب) والأفصح افترسه وقوله (إن امشوا واصبروا) والأفضل امضوا وانطلقوا ... إلى غير ذلك من الأمثلة

? رابعا: أن ترتيب السور لو كان أخبار الأمم وقصصهم في سورة والأمثال في سورة والمواعظ في سورة لكان أفضل وأحسن في الترتيب

? الرد عليه: أن في التريب القرآني بهذه الطريقة تحصل الفائدة الأكبر والنفع الأعم وتقوم الحجة بسماع السورة الواحد المتنوعة المعاني, ويحصل التحدي فكان اجتماع المعاني الكثيرة في السورة الواحدة أوفر حظا وجدى نفعا وأبلغ نظما من التمييز ولتفريد وقد أحب الله أن يمتحن عباده ويبلو طاعتهم واجتهادهم في جمع المتفرق منه وفي تنزيله وترتيبه وليرفع الله الذين آمنوا منهم والذين أوتوا العلم درجات

? خامسا: الحذف والاختصار في مثل قوله: (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) فحذف الجواب وهذا الاختصار يعاب

? والرد عليه: أن من البلاغة الإيجاز في موضعه وحذف ما يستغنى عنه من الكلام , وحُذِف الجواب لأن المذكور يدل عليه فاستغني به والتقدير (لكان هذا القرآن) وسبب آخر ذكر: وهو أن الحذف في مثل هذا أبلغ حتى تذهب النفس في تقديره كل مذهب

? سادسا: التكرار الموجود في القرآن من القصص أو الجمل التي لا داعي لتكرارها مثل: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) و (ويل يومئذ للمكذبين) ونحوهما

? والرد عليه أن التكرار لما تدعو الحاجة للترغيب إليه أو الحث عليه أو الترهيب منه من البلاغة وهذا معلوم عند العرب في أساليبهم وأشعارهم وأما القصص فقد بين الله سبب تكرارها بقوله: (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) وقوله (وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا) أما سورة الرحمن والمرسلات فقد ذكر الله فيهما أنواعا متجددة وصفات متنوعة إما في النعم أو أهوال يوم القيامة وتجديد القول عن ذكر كل حال أبلغ في القرآن وأوكد لإقامة الحجة والإعذار أما الإشكال في ذكر آلاء الله في قوله (يرسل عليكما شواظ ... ) الآية وأنها نقمة وليست نعمة فالجواب: أن الله حذرنا من العقوبة لنرتدع عنها وهذه نعمة أن بين

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015