أَلا ترى أَن من عرف تراجم الْأَئِمَّة السِّتَّة أهل الْأُمَّهَات من كتب أَئِمَّة التأريخ عرف أَحْوَالهم وأوصفاهم كَأَنَّهُ لاقاهم ورآهم لِقَاء خبْرَة ورؤية مخاللة وَحصل لَهُ من الاطمئنان بأقوالهم ويقر فِي قلبه من إمامتهم فِي الدّين وَعظم نصحهمْ للْمُسلمين مَا لَا يحوم حوله قدح قَادِح وَلَا جرح جارح حَتَّى لَو جَاءَهُ من ينازعه فِي حفظ البُخَارِيّ وتقواه لما فت ذَلِك فِي عضد يقينه بحفظه وهداه وَكَذَلِكَ غَيره من الْأَئِمَّة وَمثلهمْ الروَاة فَإِن الله يسر أَقْوَامًا جعل هممهم الْعَالِيَة وأفكارهم الصافية مصروفة إِلَى تتبع أَحْوَال رجال الحَدِيث وَرُوَاته فِي الْقَدِيم والْحَدِيث ثمَّ ألفوا فِي الرِّجَال مَا يطلع النَّاظر على كل مَا يُقَال من جرح وتعديل قَالَ وَقيل ذللوا للمتأخرين مَا كَانَ صعبا وصيروا بهمتهم مَا كَانَ ضيقا وَاسِعًا رحبا وجمعوا مَا كَانَ مُتَفَرقًا ولفقوا مَا كَانَ ممزقا قد قربوا الْعُلُوم الحديثية أتم تقريب بإكمال وتقريب وتهذيب فَاجْتمع للمتأخرين من أَحْوَال الْمُتَقَدِّمين اجتماعا لم يتم للأولين فَإِنَّهَا اجْتمعت لَهُم معارف العارفين وأقوال المتخالفين وكل من الْأَئِمَّة مَا زَالَ حَرِيصًا على تقريب المعارف للْمُسلمين حَتَّى ألفوا الْكتب على حُرُوف المعجم فِي الرِّجَال والمتون وَأتوا بِمَا لم يَأْتِ بِهِ الْأَولونَ فَلم