حفظ الله تَعَالَى بهم السّنة وبهم يتم على عباده كل منَّة قد حفظوا أَلْفَاظ الْأَحَادِيث كحفظ الْقُرْآن وأحرزوا كل لفظ مِنْهُ بتحقيق وإتقان وألفوا فِيهَا الْجَوَامِع النافعة وَالْمَسَانِيد الواسعة ثمَّ تعبوا فِي أَحْوَال الروَاة وصفاتهم ورحلتهم ومواليدهم وبلدانهم ووفاتهم حَتَّى صَار من عرف تراجمهم وأحوالهم كَأَنَّهُ شاهدهم وزاحمهم بل صَار أعرف بأحوالهم من الْمشَاهد لَهُم والمعاصر لِأَنَّهُ قد يخفى على من عاصرهم بعض أَحْوَال من عَارضه وَشَاهده وَأما من طالع تراجمهم وتلقى عَن الثِّقَات أخبارهم فَإِنَّهُ يراهم قد جمعُوا من أَحْوَالهم وصنفوا من تعْيين آثَارهم ورحلهم ويقظتهم ومنامهم وتتبعوا أَحْوَالهم من كل عَارِف مُوَافق ومخالف حَتَّى اجْتمع لمن قَرَأَ أخبارهم مَا لم يجْتَمع لمن شاهدهم من الْأَوْصَاف وَهَذَا أَمر لَا يُنكره إِلَّا من حرم الأنصاف