وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُؤَيَّدِ بِاللَّهِ1، وَأَبِي طَالِبٍ2.
احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْوَاوَ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَمْتَنِعُ التَّرْتِيبُ فِيهِ كَقَوْلِهِمْ: تَقَاتَلَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَلَوْ قِيلَ: تَقَاتَلَ زَيْدٌ فَعَمْرٌو، أَوْ تَقَاتَلَ زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو، لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي غَيْرِ التَّرْتِيبِ.
وَأَيْضًا: لَوِ اقْتَضَتِ الْوَاوُ التَّرْتِيبَ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُكَ: رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَعْدَهُ، أَوْ رَأَيْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَكَ: بَعْدَهُ يَكُونُ تَكْرَارًا لِمَا تُفِيدُهُ الْوَاوُ مِنَ التَّرْتِيبِ، وَقَوْلُكَ: قَبْلَهُ يَكُونُ مُنَاقِضًا لِمَعْنَى التَّرْتِيبِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ: بِأَنَّهُ امْتَنَعَ جَعْلُ الْوَاوِ هُنَا لِلتَّرْتِيبِ لِوُجُودِ مَانِعٍ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ امْتِنَاعُهُ عِنْدَ عَدَمِهِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّة} 3 فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} 4 وقوله: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين} 5، مَعَ أَنَّ الرُّكُوعَ مُقَدَّمٌ عَلَى السُّجُودِ، وَقَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِه} 6 وقوله: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} 7 وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة} 8 و {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} 9 وَلَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِلتَّرْتِيبِ وَهَكَذَا فِي غَيْرِهَا مِمَّا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: فَأَهْلُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَفْهَمُونَ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ اشْتَرِ الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ أو اشتر الإدام والطعام والترتيب أَصْلًا، وَأَيْضًا لَوْ كَانَتِ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ لَفَهِمَ الصحابة رضي الله عنهم