وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ دَلِيلٌ ظَنِّيٌّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَطْعِيٌّ، وَالظَّنِّيُّ لَا يُعَارِضُ الْقَطْعِيَّ. انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ ههنا صَحِيحٌ إِلَّا حَدِيثَ: "مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا" وَحَدِيثَ: "نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ" فَلَا أَصْلَ لَهُمَا، لَكِنَّ مَعْنَاهُمَا صَحِيحٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ لَمَّا قَالَ لَهُ إِنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ مُكْرَهًا، فَقَالَ: "كَانَ ظَاهِرُكَ عَلَيْنَا" 1، وكما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا أَقْضِي بِمَا أَسْمَعُ" 2 وَكَمَا فِي أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ وَذَمِّ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا، وَأَمْرِهِ بِلُزُومِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ3.
وَيُجَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ الْمُنْكِرُونَ بِجَوَابٍ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرَهُ، أَمَّا عَنِ الْأَوَّلِ: فَيُقَالُ: نَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِ مَا ذَكَرْتُمْ، فإن ظَهَرَ التَّرْجِيحُ لِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، أَوْ لِأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، كَانَ الْعَمَلُ عَلَى الرَّاجِحِ.
وَأَمَّا عَنِ الثَّانِي: فَيُقَالُ: لَا دَلَالَةَ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ فِي الْآيَةِ، بِوَجْهٍ مِنَ الوجوه، وما قوله: "نحن نحكم بالظاهر" "فلا يبقى" * الظَّاهِرُ ظَاهِرًا بَعْدَ وُجُودِ مَا هُوَ أَرْجَحُ منه.