طَلَبِهِ أَوْ لَا يُقصر، فَإِنْ وَجَدَهُ وَحَكَمَ بِمُقْتَضَاهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمُقْتَضَاهُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِوَجْهِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، فَهُوَ مُخْطِئٌ وَآثِمٌ، وِفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْعِلْمِ، وَلَكِنْ قَصَّرَ فِي الْبَحْثِ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ، بَلْ بَالَغَ في الاستشكاف وَالْبَحْثِ، وَلَمْ يَعْثُرْ عَلَى وَجْهِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ "مَا إِذَا لَمْ"* يَجِدْهُ، مَعَ الطَّلَبِ الشَّدِيدِ وَسَيَأْتِي1.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، فإن كان "للتقصير"** فِي الطَّلَبِ فَهُوَ مُخْطِئٌ وَآثِمٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ بَالَغَ فِي التَّنْقِيبِ عَنْهُ، وَأَفْرَغَ الْوُسْعَ فِي طَلَبِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْهُ، فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِ الرَّاوِي الَّذِي عِنْدَهُ النَّصُّ، أو عرفه و"لكن"*** مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُ آثِمٍ قَطْعًا، وَهَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَوْ مُصِيبٌ، عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَالْأَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا، وَأَمَّا "الَّتِي لَا نَصَّ"**** فِيهَا، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: لِلَّهِ فِيهَا قَبْلَ اجتهاد المجتهد حكم معين أو لا، بَلْ "حُكْمُهُ"***** تَابِعٌ لِاجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَهَذَا الثَّانِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ، كَالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْقَاضِي، وَالْغَزَالِيِّ، وَالْمُعْتَزِلَةِ، كَأَبِي الْهُذَيْلِ، وَأَبِي عَلِيٍّ، وأبي هاشم، وأتباعهم، وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا خِلَافُهُ.
فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَاقِعَةِ حُكْمٌ مُعَيَّنٌ، فَهَلْ وُجِدَ فِيهَا مَا لَوْ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا بِحُكْمٍ، لَمَا حُكِمَ إِلَّا بِهِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقَوْلُ بِالْأَشْبَهِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُصَوِّبِينَ، وَإِلَيْهِ صَارَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وابن سريج، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِي: فقول الخلص من المصوبة. انتهى.