الْعَقْلِيُّ، وَقَدْ قَالَ بِهِ الْقَائِلُونَ بِمَفْهُومِ الصِّفَةِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ، وَلِهَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ السهيلي في "أدب الْجَدَلِ" عَنْ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ مُعْظَمِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَنَقَلَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ "الْمَحْصُولِ" إِلَى الْمَنْعِ مِنَ الْأَخْذِ بِهِ. وَرَجَّحَ الْمَنْعَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ التِّلْمِسَانِيِّ1 عَنْ مَالِكٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَالْغَزَالِيُّ، وَالْآمِدِيُّ.
وَقَدْ بَالَغَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَانِعِينَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ قَوْلٌ مَرْدُودٌ، وَكُلُّ مَا جَاءُوا بِهِ لَا تَقُومُ به الحجة، والأخذ به معلم مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَالشَّرْعِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: إِنْ أَكْرَمْتَنِي أَكْرَمْتُكَ، وَمَتَى جِئْتَنِي أَعْطَيْتُكَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فيه الخلاف بَيْنِ كُلِّ مَنْ يَفْهَمُ لُغَةَ الْعَرَبِ، وَإِنْكَارُ ذَلِكَ مُكَابَرَةٌ، وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ لِمَنْ أَنْكَرَهُ: عَلَيْكَ بِتَعَلُّمِ لُغَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ إِنْكَارَكَ لِهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّكَ لَا تَعْرِفُهَا.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: مَفْهُومُ الْعَدَدِ
وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ الْعَدَدِ، زَائِدًا كَانَ أَوْ نَاقِصًا.
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو حَامِدٍ، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَنَقَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ2 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، وَبِهِ قَالَ صَاحِبُ "الْهِدَايَةِ"3 مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَنَعَ مِنَ الْعَمَلِ به المانعون بمفهوم الصفة.