الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي أَنْوَاعِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ

النَّوْعُ الأول: مفهوم الصفة

وهي تعلق الْحُكْمِ عَلَى الذَّاتِ بِأَحَدِ الْأَوْصَافِ، نَحْوُ: "فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ" 1.

وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ: تَقْيِيدُ لَفْظٍ مُشْتَرَكِ الْمَعْنَى بِلَفْظٍ آخَرَ، يَخْتَصُّ بِبَعْضِ مَعَانِيهِ، لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَا غَايَةٍ، وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ النَّعْتَ فَقَطْ، وَهَكَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْبَيَانِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ عِنْدَهُمْ: هِيَ الْمَعْنَوِيَّةُ، لَا النَّعْتُ، وَإِنَّمَا يَخُصُّ الصِّفَةَ بِالنَّعْتِ أَهْلُ النَّحْوِ فَقَطْ.

وَبِمَفْهُومِ الصِّفَةِ أَخَذَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْحَقُّ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَهُ وَصْفَانِ، فَوُصِفَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا فِيهِ تِلْكَ الصِّفَةُ دُونَ الْآخَرِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَلَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ، وَوَافَقَهُمْ مِنْ أئمة اللغة الأخفش2، وابن فَارِسٍ، وَابْنُ جِنِّيٍّ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ جَوَابَ "سُؤَالٍ"* فَلَا يُعْمَلَ بِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقَعَ ابْتِدَاءً فَيُعْمَلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِتَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ من موجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015