"وَتَعَهَّدَهُمْ"* بِالْتِزَامِ الزَّكَاةِ قَبْلَ بَيَانِهَا، قَالَا: وَإِنَّمَا جَازَ الْخِطَابُ بِالْمُجْمَلِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَفْهَمُونَهُ لأحد أمرين:
الْأَوَّلُ:
أَنْ يَكُونَ إِجْمَالُهُ تَوْطِئَةً لِلنَّفْسِ عَلَى قَبُولِ مَا يَتَعَقَّبُهُ مِنَ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ بَدَأَ فِي تَكْلِيفِ الصَّلَاةِ "وَبَيَّنَهَا"** لَجَازَ أَنْ تَنْفِرَ النُّفُوسُ مِنْهَا وَلَا تَنْفِرَ مِنْ إِجْمَالِهَا.
وَالثَّانِي:
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ مِنَ الْأَحْكَامِ جَلِيًّا، وَجَعَلَ مِنْهَا خَفِيًّا، لِيَتَفَاضَلَ النَّاسُ فِي "الْعِلْمِ"*** بِهَا، وَيُثَابُوا عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ لَهَا، فَلِذَلِكَ جعل منها مفسرا جليا، وجعل منها مُجْمَلًا خَفِيًّا.
قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: وَحُكْمُ الْمُجْمَلِ: التَّوَقُّفُ فِيهِ إِلَى أَنْ يُفَسَّرَ، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِظَاهِرِهِ فِي شَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ الْإِجْمَالُ من جهة الاشتراك، واقترن به تبينه أُخِذَ بِهِ، فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ ذَلِكَ وَاقْتَرَنَ بِهِ عُرْفٌ يُعْمَلُ بِهِ، فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْهُمَا وَجَبَ الِاجْتِهَادُ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ، وَكَانَ مِنْ خَفِيِّ الْأَحْكَامِ الَّتِي وُكِّلَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا إِلَى الِاسْتِنْبَاطِ، فَصَارَ دَاخِلًا فِي الْمُجْمَلِ، لِخَفَائِهِ وَخَارِجًا منه، لإمكان "استنباطه"****.