اشترط القائلون بالحمل شُرُوطًا سَبْعَةً:
الْأَوَّلُ:
أَنْ يَكُونَ الْمُقَيَّدُ مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ، مَعَ ثُبُوتِ الذَّوَاتِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَأَمَّا فِي إِثْبَاتِ أَصْلِ الْحُكْمِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ عَدَدٍ فَلَا يُحْمَلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَهَذَا كَإِيجَابِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْوُضُوءِ، مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى عُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ إِطْلَاقُ التَّيَمُّمِ عَلَى تَقْيِيدِ الْوُضُوءِ، حَتَّى يَلْزَمَ التَّيَمُّمُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَعْضَاءِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ لَمْ يُذْكَرْ، وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَخْتَصُّ بِالصِّفَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الْأَبْهَرِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ خَيْرَانَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الذَّاتِ، وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ.
الشَّرْطُ الثَّانِي:
أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُطْلَقِ إِلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ، كَاشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الشُّهُودِ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَإِطْلَاقِ الشَّهَادَةِ فِي الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا، فَهِيَ شَرْطٌ فِي الْجَمِيعِ، وَكَذَا تَقْيِيدُ مِيرَاثِ الزَّوْجَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} 1، وَإِطْلَاقُ الْمِيرَاثِ فِيمَا أُطْلِقَ فِيهِ، فَيَكُونُ مَا أُطْلِقَ مِنَ الْمَوَارِيثِ كُلِّهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمُطْلَقُ دَائِرًا بَيْنَ قَيْدَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا لَمْ يُحْمَلْ إِطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا كَانَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ أَوْلَى، أَوْ مَا كَانَ دَلِيلُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَقْوَى.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "اللُّمَعِ" وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الِاتِّفَاقَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ حَكَى الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِيهِ خِلَافًا لِأَصْحَابِنَا، وَلَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
أَنْ يَكُونَ فِي بَابِ الْأَوَامِرِ وَالْإِثْبَاتِ. أَمَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ فَلَا؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِخْلَالُ بِاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ مَعَ تَنَاوُلِ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ، وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَا: لَا خِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِمَدْلُولِهِمَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ لِعَدَمِ التَّعَذُّرِ، فَإِذَا قَالَ: لَا تَعْتِقْ مُكَاتِبًا، لَا تَعْتِقْ مُكَاتِبًا كَافِرًا "لَمْ يَعْتِقْ مُكَاتِبًا كَافِرًا"* ولا مسلمًا؛ إذ لو أعتق وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِمَا. وَأَمَّا صَاحِبُ "المحصول" فسوى