الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِالْمَفْهُومِ

ذَهَبَ الْقَائِلُونَ بِالْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ إِلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِهِ.

قَالَ الْآمِدِيُّ: لَا أَعْرِفُ خِلَافًا فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْعُمُومِ وَالْمَفْهُومِ، وَسَيَأْتِي1 الْكَلَامُ عَلَى الْمَفَاهِيمِ وَالْمَعْمُولِ بِهِ مِنْهَا، وَغَيْرِ الْمَعْمُولِ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى التَّخْصِيصِ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ.

وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَابْنِ سُرَيْجٍ الْمَنْعَ مِنَ التَّخْصِيصِ بِالْمَفْهُومِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي عَدَمِ العمل بالمفهوم.

قال الشيخ تقي الدين ابن دَقِيقِ الْعِيدِ، فِي "شَرْحِ الْإِلْمَامِ": قَدْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْعُمُومِ، وَفِي كَلَامِ صَفِيِّ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، أَمَّا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى التَّخْصِيصِ بِهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِيهِمَا.

أَمَّا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ، فَكَمَا إِذَا وَرَدَ عَامٌّ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: "فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شاةٌ" 3 ثُمَّ قَالَ: "فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ" 4 فَإِنَّ الْمَعْلُوفَةَ خَرَجَتْ بِالْمَفْهُومِ فَيُخَصَّصُ بِهِ، عُمُومَ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التخصيص به ومثل بما ذكرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015