وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ النُّحَاةِ فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ: بِأَنَّ الْأَوَّلَ سَبَبٌ، وَالثَّانِي مُسَبَّبٌ.

وَالشَّرْطُ الْعَادِي: كَالسُّلَّمِ لِصُعُودِ السَّطْحِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنْ لَا يُوجَدَ الصُّعُودُ إِلَّا بِوُجُودِ السُّلَّمِ أَوْ نَحْوَهُ، مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ.

ثُمَّ الشَّرْطُ قَدْ يَتَّحِدُ، وَقَدْ يَتَعَدَّدُ وَمَعَ التَّعَدُّدِ قَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ شَرْطًا "عَلَى الْجَمْعِ، فَيَتَوَقَّفُ الْمَشْرُوطُ عَلَى حُصُولِهَا جَمِيعًا، وَقَدْ يَكُونُ لِكُلِّ واحد شرطًا"* مستقلًّا فيحصل المشروط بحصول أي وَاحِدٍ مِنْهَا، فَإِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَكَلْتِ وَشَرِبْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِالدُّخُولِ وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدار أَوْ أَكَلْتِ أَوْ شَرِبْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا.

وَاعْلَمْ: أَنَّ الشَّرْطَ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ، وَفِي تَعَقُّبِهِ لِجُمَلٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ" اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الشَّرْطَ الدَّاخِلَ عَلَى الْجُمَلِ، هَلْ يَرْجِعُ حُكْمُهُ إِلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ؟

فَاتَّفَقَ الْإِمَامَانِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، عَلَى رُجُوعِهِ إِلَى الْكُلِّ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ، حَتَّى إِنَّهُ إِذَا كَانَ مُتَأَخِّرًا اخْتَصَّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا اخْتَصَّ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى.

وَالْمُخْتَارُ التَّوَقُّفُ كَمَا تَقَدَّمَ1 فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ.

ثُمَّ قَالَ: اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ اتِّصَالِ الشَّرْطِ بِالْكَلَامِ، وَدَلِيلُهُ مَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ "يَحْسُنُ"** التَّقْيِيدُ بِشَرْطٍ يَكُونُ الْخَارِجُ بِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْبَاقِي، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. انْتَهَى.

فَقَدْ حُكِيَ الِاتِّفَاقُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كما نراه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015