المسألة التاسعة: الاستثناء من النفي والخلاف فيه

اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ.

وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ النَّفْيِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِثْبَاتٌ، وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَكُونُ إِثْبَاتًا وَجَعَلُوا بَيْنَ الْحُكْمِ بِالْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ بِالنَّفْيِ وَاسِطَةً وَهِيَ عَدَمُ الْحُكْمِ، قَالُوا: فَمُقْتَضَى الِاسْتِثْنَاءِ بَقَاءُ الْمُسْتَثْنَى غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ، لَا بِالنَّفْيِ وَلَا بِالْإِثْبَاتِ.

وَاخْتَلَفَ كَلَامُ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ، فَوَافَقَ الْجُمْهُورُ فِي "الْمَحْصُولِ" وَاخْتَارَ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ فِي "تَفْسِيرِهِ".

وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَدَعْوَى الْوَاسِطَةِ مَرْدُودَةٌ، عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا وَجْهٌ لَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ لَازِمًا فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْإِثْبَاتِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.

وَأَيْضًا نَقْلُ الْأَئِمَّةِ عَنِ اللُّغَةِ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ صَحِيحًا لَمْ تَكُنْ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ تَوْحِيدًا، فَإِنَّ قَوْلَنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ نَفْيٍ؛ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إله إلا الله" 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015