وَأَيْضًا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الْيَمِينِ بَعْدَ سُكُوتِهِ وَقْتًا يَسِيرًا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "هُوَ مَا عَرَفْتَ مِنْ جَوَازِهِ بَعْدَ سَنَةٍ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي "مدرج السَّالِكِينَ"1: إِنَّ مُرَادَ ابْنِ عَبَّاسٍ"* أَنَّهُ إِذَا قَالَ شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عِنْدَ الذِّكْرِ قَالَ: وَقَدْ غَلَّطَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ. انْتَهَى.
وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَدْفَعُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ بَعْدَ يَوْمٍ أو أسبوع أو سنة.
وعن طاوس2: يَجُوزُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ. وَعَنْ عَطَاءٍ3: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَلَى مِقْدَارِ حَلْبِ نَاقَةٍ غَزِيرَةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ إلى سنتين.
واعلم: أن الاسثناء بَعْدَ الْفَصْلِ الْيَسِيرِ وَعِنْدَ التَّذَكُّرِ قَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ، مِنْهَا حَدِيثُ: "لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" الْمُتَقَدِّمُ.
وَمِنْهَا: مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا" فقال العباس: إلا الإذخر، فإن لقينهم وبيوتهم فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا الإذخر" 4.