المسألة الخامسة والعشرون: في عموم العلة المعلقة بالحكم

إِذَا عَلَّقَ الشَّارِعُ حُكْمًا عَلَى عِلَّةٍ هَلْ تَعُمُّ تِلْكَ الْعِلَّةُ حَتَّى يُوجَدَ الْحُكْمُ بِوُجُودِهَا فِي كُلِّ صُورَةٍ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ بِالْعُمُومِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ وُجُودِ الْعِلَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: لَا يَعُمُّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْعُمُومِ هَلِ الْعُمُومُ بِاللُّغَةِ أَوْ بِالشَّرْعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ بِالشَّرْعِ لَا بِاللُّغَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصِّيغَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، بَلِ اقْتَضَى ذَلِكَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ ثَبَتَ التَّعَبُّدُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي1.

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْعُمُومِ، بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ جُزْءَ عِلَّةٍ وَالْجُزْءُ الْآخَرُ خُصُوصِيَّةَ الْمَحَلِّ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاحْتِمَالِ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ، فَلَا يُتْرَكُ بِهِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ الَّذِي اقْتَضَتْهُ الْعِلَّةُ مِنَ الْأَقْيِسَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ بِدَلِيلِ نَقْلٍ أَوْ عَقْلٍ، لَا بِمُجَرَّدِ مَحْضِ الرَّأْيِ وَالْخَيَالِ الْمُخْتَلِّ، وَسَيَأْتِي2 بِمَعُونَةِ اللَّهُ إِيضَاحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015