اختلفو افِي المخاطِب -بِكَسْرِ الطَّاءِ- هَلْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ "يُخَصِّصُهُ. وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَّا بِدَلِيلٍ"*.
قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا وَرَدَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفظ عام في إيجاب "حكم"** حُكْمِهِ أَوْ حَظْرِهِ، أَوْ إِبَاحَتِهِ، هَلْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ فِي "الْأَوْسَطِ"1: ذَهَبَ مُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْآمِرَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخِطَابِ، وَنَقَلَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ دُخُولَهُ. انْتَهَى.
وَنَقْلُهُ لِهَذَا الْقَوْلِ عَنْ مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ يُخَالِفُ نَقْلَ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَالرَّازِيِّ فِي "الْمَحْصُولِ" وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي "مُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَى"2 وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا دُخُولَ الْمُخَاطِبِ فِي خِطَابِهِ مَذْهَبَ الْأَكْثَرِينَ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ: إِنَّ خِطَابَهُ يَتَنَاوَلُهُ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ عَادَةً؛ فَذَهَبَ إِلَى التَّفْصِيلِ، وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إِلْكِيَا الْهَرَّاسُ. قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَعْرِضُ فِي الْأَمْرِ مَرَّةً، وَفِي النَّهْيِ مَرَّةً، وَفِي الْخَبَرِ مَرَّةً، وَالْجُمْهُورُ عَلَى دُخُولِهِ. انْتَهَى.
وَالَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ مُرَادُ الْقَائِلِ بِدُخُولِهِ فِي خِطَابِهِ أَنَّ مَا وُضِعَ لِلْمُخَاطَبِ يَشْمَلُ الْمُتَكَلِّمَ وَضْعًا، فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَشْمَلُهُ حُكْمًا فَمُسَلَّمٌ إذا دل عليه دليل أو كان الوضع شاملًا له كألفاظ العموم.