المسألة الثالثة: "تَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي الْأَحْكَامِ"

هَلْ يُتَصَوَّرُ الْعُمُومُ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى يُقَالَ حُكْمُ قَطْعِ السَّارِقِ عَامٌّ؟

أَنْكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَثْبَتَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَابْنُ الْقُشَيْرِيُّ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْحَقُّ بِنَاءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلٍ أَوْ إِلَى وَصْفٍ يَرْجِعُ إِلَى الذَّاتِ فَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ يُتَصَوَّرِ الْعُمُومُ لِمَا تَقَدَّمَ1 فِي الْأَفْعَالِ، وَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلٍ فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَالسَّارِق} 2 يَشْمَلُ كُلَّ سَارِقٍ فَنَفْسُ الْقَطْعِ فِعْلٌ، وَالْأَفْعَالُ لَا عُمُومَ لَهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ3 الْحَنَفِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَسَائِلِ الْخِلَافِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ"4: دَعْوَى الْعُمُومِ فِي الْأَفْعَالِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَدَلِيلُنَا: أَنَّ الْعُمُومَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى أَشْيَاءَ مُتَغَايِرَةٍ، وَالْفِعْلُ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يَصِحُّ الْعُمُومُ إِلَّا فِي الْأَلْفَاظِ، وَأَمَّا فِي الْأَفْعَالِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ عُرِفَتِ اخْتُصَّ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِلَّا صَارَ مُجْمَلًا، فَمَا عُرِفَتْ صِفَتُهُ مِثْلَ قَوْلِ الرَّاوِي: "جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ"5 فَهَذَا مَقْصُورٌ عَلَى السَّفَرِ، وَمِنَ الثاني قوله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015