وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ الَّذِي يُوجِبُ كَوْنَ مَنْ قَامَ بِهِ عَالِمًا أَوْ يُوجِبُ لِمَنْ قام به اسم العالم.
وفيه: أن يَسْتَلْزِمُ الدَّوْرَ1 لِأَخْذِ الْعَالِمِ فِي تَعْرِيفِ الْعِلْمِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَا يَصِحُّ مِمَّنْ قَامَ بِهِ إِتْقَانُ الْفِعْلِ.
وَفِيهِ: أَنَّ فِي الْمَعْلُومَاتِ مَا لَا يَقْدِرُ الْعَالِمُ عَلَى إِتْقَانِهِ، كَالْمُسْتَحِيلِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ.
وَفِيهِ: أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ التَّصَوُّرَاتُ وَهِيَ عِلْمٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ حُصُولُ صُورَةِ الشَّيْءِ فِي الْعَقْلِ، أَوِ الصُّورَةُ الْحَاصِلَةُ عِنْدَ الْعَقْلِ.
وَفِيهِ: أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الظَّنَّ، وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ2، وَالْجَهْلَ الْمُرَكَّبَ3.
وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا حَدًّا لِلْعِلْمِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، الشَّامِلِ لِلْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ.
وَفِيهِ: أَنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْعِلْمِ عَلَى الشَّكِّ، وَالْوَهْمِ وَالْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ، يُخَالِفُ مَفْهُومَ الْعِلْمِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ حُكْمٌ لَا يَحْتَمِلُ طَرَفَاهُ -أَيِ: الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، وَبِهِ- نَقِيضَهُ.
وَفِيهِ: أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ التَّصَوُّرُ وَهُوَ عِلْمٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ صِفَةٌ تُوجِبُ تَمْيِيزًا لِمَحَلِّهَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ بِوَجْهٍ.
وَفِيهِ: أَنَّ الْعُلُومَ الْمُسْتَنِدَةَ إِلَى الْعَادَةِ تَحْتَمِلُ النَّقِيضَ، لِإِمْكَانِ خَرْقِ الْعَادَةِ بِالْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ صِفَةٌ يَتَجَلَّى بِهِ الْمُدْرَكُ لِلْمُدْرِكِ.
وَفِيهِ: أَنَّ الْإِدْرَاكَ مَجَازٌ عَنِ الْعِلْمِ فَيَلْزَمُ تَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، مَعَ كَوْنِ الْمَجَازِ مَهْجُورًا فِي التَّعْرِيفَاتِ، وَدَعْوَى اشْتِهَارِهِ فِي الْمَعْنَى الْأَعَمِّ الَّذِي هُوَ جِنْسُ الْأَخَصِّ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ صِفَةٌ يَتَجَلَّى بِهَا الْمَذْكُورُ لِمَنْ قَامَتْ هي به.