الفصل الثاني: في حجية السنة واستقلالها بالتشريع

...

البحث الثاني: في حجية السنة واستقلالها بِالتَّشْرِيعِ

اعْلَمْ أَنَّهُ قَدِ اتَّفَقَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ مُسْتَقِلَّةٌ بِتَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ وَأَنَّهَا كَالْقُرْآنِ فِي تَحْلِيلِ الْحَلَالِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَلَا وَإِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" 1 أَيْ: أُوتِيَتُ الْقُرْآنَ وَأُوتِيَتُ مِثْلَهَ مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي لَمْ يَنْطِقْ بِهَا الْقُرْآنُ، وَذَلِكَ كَتَحْرِيمِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحَصْرُ.

وَأَمَّا مَا يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ2 فِي الْأَمْرِ بِعَرْضِ الْأَحَادِيثِ عَلَى القرآن فقال يحيى بن معين3: إنه موضع وَضَعَتْهُ الزَّنَادِقَةُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَمَّنْ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ4 فِي كِتَابِ "جَامِعِ الْعِلْمِ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ5: الزنادقة والخوارج وضعوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015