{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر:26]، وقال بعضهم: هو شعر، فقال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ} [يس:69]، فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنا، لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي، الذي هو كلمات وحروف وآيات، لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد: إنه شعر، وقال عز وجل: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة:23]، ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يُدرى ما هو ولا يُعقل، وقال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس:15]، فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم)): يشير -رحمه الله- إلى تحدي الله - عز وجل - للثقلين -الجن والإنس- بهذا القرآن، وذكر بعض الآيات الدالة على ذلك، وقد تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثله فقال سبحانه: {فَلْيَاتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور:34]، وتحداهم بالإتيان بعشر سور مثله فقال - عز وجل -: {قُلْ فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود:13]، وتحداهم بالإتيان بسورة من مثله فقال: {فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة:23].
والمؤلف -رحمه الله- حين يذكر مثل هذه الجوانب فإنه يذكرها ويقررها للرد على الأشاعرة؛ القائلين: أن كلام الله -ومنه القرآن- معنى نفسي واحد قديم، ليس بصوت ولا حرف ولا أبعاض، معنى نفسي واحد، لا يتجزؤ ولا يتبعض، ولذلك يقرر أن له أولاً وآخراً، وأجزاء وأبعاض، وأنه مكتوب ومتلو ومسموع،