فَهَذَا خُلَاصَة كَلَام ابْن مَيْمُون الْيَهُودِيّ زنديق الْيَهُود فِي كِتَابه الْمَذْكُور سَابِقًا وَقد أوردنا لَك كَلَامه هَاهُنَا لتعلم أَنه لم يربطه شَيْء من كَلَام الله سُبْحَانَهُ يصلح دَلِيلا عَلَيْهِ بل هُوَ مُجَرّد زندقة والتوراة وَالزَّبُور وَالْإِنْجِيل وَكتب سَائِر الْأَنْبِيَاء منادية بِخِلَاف ذَلِك حَسْبَمَا قدمنَا لَك وهانحن نوضح لَك فَسَاد كَلَامه هَذَا فَنَقُول
أَولا إِن حصر هَذِه اللَّذَّات النفسانية الَّتِي ذكرهَا لَا يُنَافِي حُصُول اللَّذَّات الجسمانية الَّتِي وَردت فِي كتب الله عز وَجل
وَقَوله وَلَيْسَت بلذة طَعَام أَو شراب هَذَا مُسلم فَإِن اللَّذَّات النفسانية لَيست بلذة طَعَام وَلَا شراب وَلَكِن من أَيْن يلْزم أَنه لَا لَذَّة طَعَام وشراب وَنَحْوهمَا فِي تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة
فَإِن كَانَ بِالشَّرْعِ فَكتب الله عز وَجل جَمِيعهَا ناطقة بِخِلَاف ذَلِك كَمَا قدمنَا ذَلِك فِي كتب الله عز وَجل وَفِي الْقُرْآن الْعَظِيم مِمَّا يكثر تعداده وَيطول إِيرَاده وَهُوَ لَا يخفى مثله على أحد من الْمُسلمين الَّذِي يقرأون الْقُرْآن لبلوغه فِي الْكَثْرَة إِلَى غَايَة يشْتَرك فِي مَعْرفَتهَا المقصر والكامل وَإِن كَانَ بِالْعقلِ فَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يَقْتَضِي إِثْبَات اللَّذَّة النفسانية وَنفي اللَّذَّة الجسمانية بل لَا مدْخل لِلْعَقْلِ هَاهُنَا وَلَا يتعول عَلَيْهِ أصلا
وَإِن كَانَ لَا يعْتَبر عقل وَلَا شرع بل لمُجَرّد الزندقة والمروق من الْأَدْيَان كلهَا والمخالفة لما ورد فِي كتب الله سُبْحَانَهُ فبطلان ذَلِك مستغن عَن الْبَيَان
وَأما قَوْله كَمَا قَالَ النَّبِي دَاوُد مُتَعَجِّبا من عظمتها مَا أَكثر