الْأَقْوَال والأعمال والإرادات والعقائد إِلَّا ظلماتها فَلَو أشرق لَهُ شَيْء من نور النُّبُوَّة لَكَانَ بِمَنْزِلَة إشراق الشَّمْس على بصائر الخفاش
(بصائر أعشاها النَّهَار بضوئه ... ولائمها قطع من اللَّيْل مظلم)
يكَاد نور النُّبُوَّة يعمي تِلْكَ البصائر ويخطفها لِشِدَّتِهِ وضعفها فتهرب إِلَى الظُّلُمَات لموافقتها لَهَا وملاءمتها إِيَّاهَا وَالْمُؤمن عمله نور وَقَوله نور ومدخله نور ومخرجه نور وقصده نور فَهُوَ يتقلب فِي النُّور فِي جَمِيع أَحْوَاله قَالَ تَعَالَى {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور يهدي الله لنوره من يَشَاء وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس وَالله بِكُل شَيْء عليم} ثمَّ ذكر حَال الْكفَّار وأعمالهم وتقلبهم فِي الظُّلُمَات فَقَالَ {وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا وَوجد الله عِنْده فوفاه حسابه وَالله سريع الْحساب أَو كظلمات فِي بَحر لجي يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج من فَوْقه سَحَاب ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور}