والشهوات، فهذا ما ذهب إليه "لوك"، الذي قال في "فاتحة مباحثه في التربية الخلقية: كما أن قوة الجسم إنما تكون بقدرته على احتمال المشاق، كذلك قوة العقل إنما تكون في ضبط النفس ومقاومة الشهوات" (?).
وقال في موضع آخر: "من البدهيات عندي أن أساس الفضيلة أن يقدر الإنسان على منع نفسه كثيرًا مما تميل إليه وترغب فيه إذا لم يكن العقل رائدها وحاديها في هذه الميول والرغبات. أما طريق الحصول على هذه القدرة، فإنما يكون بالتعود من الصغر" (?).
أما المعنى السادس: وهو القدرة على العلم والتعلم واكتساب المهارات، فقد وافق هذا المعنى تعريف "كلفن" " colvin" بأنه "القدرة على التعليم" وتعريف ديربورن " dearborn" بأنه "القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها" (?).
ونلاحظ من الموازنة موافقة الفكر التربوي الغربي بصفة عامة في أكثر الأمور لرأي ابن الجوزي في العقل. وإن ظهر على التعاريف الحديثة الدقة العلمية، المعتمدة على المقاييس والاختبارات النفسية، رغم أن تعريفات الذكاء -كما ذكر د. أحمد زكي صالح- "تحاول أن تفسر الذكاء ولا تشرحه، وتحاول أن تحدد وظيفة الذكاء، ولا تبين معالمه، فهي محاولات وصفية وظيفية، قد تُقبل في نواحي أُخرى غير الناحية العلمية" (?). ورأي ابن الجوزي اعتمد في بعضه على الفكر التربوي الإسلامي، والبعض الآخر استقاه من قراءته لغيره من علماء المسلمين ورأيهم في هذا الموضوع.
2 - درجات العقل
حدد ابن الجوزي درجات العقل المرتفعة والمنخفضة وتعريفها، ثم بيَّن الفروق بينها، مع توضيح بعض المظاهر العامة لكل درجة من الدرجات العقلية. وقد عرضت ذلك في الفصل الثاني، من الباب الرابع (ص 283 وما بعدها، من هذا الكتاب).