وقال تعالى في فتنة سليمان -عليه السلام- {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} (?).
وهكذا رأينا كيف برزت ثقافة ابن الجوزي القرآنية في أسلوبه واضحة متلونة، حيث ظهرت الآيات القرآنية وسيلة من وسائل الاستدلال على صحة الفكرة وعمقها، فتارة تبرز لنا ألفاظ القرآن بحللها القشيبة تزدان بها سطور الكلام بشكلٍ مباشرٍ وصريح، وتارة يستقي من روح القصص القرآني ما تغني فيه الإشارة عن العبارة، والإجمال عن التفصيل -كما مر بنا- في ذكره لإشاراتٍ مقتضبةٍ إلى قصص الأنبياء، ورابعةً يكون أسلوبه بطرقٍ قرآنيةٍ بديعةٍ في لفت النظر، وتوجيه الفكر كما رأينا في التوجيه إلى التأمل في السموات والأرض، أو الإشارة إلى مناحي التعامل مع الزوجة الناشز، كل ذلك استقاء من روح الآيات لا استدلالًا صريحًا وكل ذلك بأسلوب واضحٍ بسيطٍ.
السُّنّة النبوية: هي المصدر الثاني للتشريع الإِسلامي، وتعريف "السُّنّة في الاصطلاح الشرعي: هي ما صدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قول، أو فعل، أو تقرير" (?). أو صفة خِلْقيةٍ أو خُلْقيةٍ.
وقد عرفها ابن الجوزي بالمعنى نفسه تقريبًا بقوله: "تعرف شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما بأفعاله، أو أقواله" (?). ثم أنه بيَّن أهمية اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ومن تأمل خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى كاملًا في العلم والعمل، فبه يكون الاقتداء، وهو الحجة على الخلق" (?) وقال ابن الجوزي: "ولينظر في طريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، فإنهم القدوة، ولا