واستلبت قوى الأصول وهي الدماغ والقلب والكبد، فتبرد الحرارة الغريزية، ويسرع لذلك الهلاك، ثم إن صورة الوطء تنبو عنها النفوس الشريفة، إلا أن يدفع به شر محتقن، أو يُطلب الولد، فأما أن يصير عادةً، ويكون بالتمتع بنفس الفعل، فتلك مزاحمة البهائم" (?).
ثم ينصح ابن الجوزي الشاب بالمحافظة على هذه الطاقة، فيقول: "ينبغي للصبي إذا بلغ أن يحذر كثرة الجماع ليبقى جوهره، فيفيده ذلك في الكبر، لأنه من الجائز كبره، والاستعداد للجائز حزم، فكيف للغالب؟ كما ينبغي أن يستعد للشتاء قبل هجومه. ومتى أنفق الحاصل وقت القدرة تأذى بالفقر إليه وقت الفاقة" (?).
كما ينصحه بالزواج من واحدةٍ، وإلا نكح غيرها فقال: "وإن قدر على الاقتصار، فإن الاقتصار على الواحدة أولى، فإن كانت على الغرض قنع، وإن لم تكن استبدل، ونكاح المرأة المحبوبة يستفرغ الماء المجتمع، فيوجب نجابة الولد وتمامه وقضاء الوطر بكماله" (?).
كما يحتاج الإنسان للمحافظة على بدنه بكل ما فيه من جوارح وحواسٍ، إلى غذاءٍ متكاملٍ، وإلى العناية بالوقاية، فإنه يحتاج إذا أصابه مرض إلى العلاج.
ولابد للإنسان أن يأخذ بالأسباب، ولا يتعلق بالأوهام، وإلا كان هذا تواكلًا. وقد حث المنهج التربوي الإسلامي على التداوي في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لكل داء دواءٌ. فإذا أصيبَ دواءُ الداءِ برأَ بإذنِ الله -عز وجل-" (?). وكان لهذا المنهج النبوي فضل على ابن الجوزي ولابن الجوزي فضل تأكيده ونشره، فقال: "فإذا جعل الشرع الأمور منوطةً