نفس، فتحمله على طلب المعالي، وتمنعه ركوب الدنايا، فتراه يحب أن يكون رئيس الصبيان، فإذا ترعرع كان الأدب شعاره من غير تعلم، والحياء لباسه من غير ترهيب" (?).

وكما يتأثر سلوك الطفل بدرجة ذكائه، فإنه يتأثر بقلة ذكائه وصعوبة تعلمه، وسوء تقديره السلوك الصالح، ويصور ابن الجوزي هذا النوع من الأطفال بقوله: "ومن الصبيان من يجمع مع بعد ذهنه، وعدم تعلمه، أذى الصبيان، فهو يؤذيهم. ويسرق مطاعمهم، ويستغيثون من يده، فلا هو صلح، ولا فهم ولا كف عن الشر" (?). وهذا نتيجة قصور فهمه عن إدراك نفعه، فإنه سلك سلوكًا سيئًا.

ثم بين ابن الجوزي الطريقة التي يستدل بها على علو همة الطفل من ضعفها. فقال: "ويتبين فهم الصبي وعلو همته وتقصيرها باختياراته لنفسه، فإن الصبيان تجتمع للعب، فيقول عالي الهمة من يكون معي، ويقول قاصر الهمة من أكون معه، ومتى علت همة الصبي آثر العلم" (?).

وهذا يبين أن ذكاء الطفل دفعه إلى سلوك طريق أصحاب الهمم الكبيرة، والآمال العريضة.

ثالثًا: رأي ابن الجوزي في مرحلة البلوغ والشباب

سبق أن ذكرنا أن ابن الجوزي قال عن هذه المرحلة: "الموسم الثاني: من زمن البلوغ إلى خمس وثلاثين سنة وهو زمن الشباب" (?). ووضحنا ما يقابلها في علم النفس التكويني وما اختلف عنها -في تقدير ابن الجوزي- من دمج مرحلة البلوغ والشباب في مرحلة واحدةٍ، وهي في علم النفس الآن تمثل مرحلتين: المراهقة من 12 - 21 سنة، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015