القيامةِ إلى من جرَ إزارَه بطرًا" (?). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخلُ الجنةَ من كانَ في قلبهِ مثقالُ ذرة من كبر" قال رجل: إن الرجلَ يحبُ أن يكونَ ثوبهُ حسنًا ونعلُه حسنةً. قال: إن الله جميلٌ يحبُ الجمالَ. الكبرُ بطرُ الحقِ وغمطَ الناسَ" (?).
أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُ شيء يؤجرُ المؤمنُ عليه إلا البناءَ"، فهي إشارة حكيمة للإنسان باجتناب المبالغة في تشييد المباني الفاخرة بقصد المباهاة والمفاخرة، والمقبول اهتمام معقول يسد حاجة الإنسان في مسكن مناسب، وذلك حتى لا يتعلق بالدنيا وزينتها، ويميل إلى حب الإقامة فيها، فيصرفه هذا عن القيام بعبادة الله تعالى، ولتوضيح مدى صحة العبارة السابقة فقد ورد في ذم البناء مطلقًا حديث خباب رفعه قال: "يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا التراب" أو قال "البناء" أخرجه الترمذي وصححه وأخرج له شاهدًا عن أنس بلفظ "إلا البناء فلا خير فيه" والطبراني من حديث جابر رفعه "إذا أراد الله بعبد شرا خَضَّر له في اللَّبنِ والطين حتى يبني" ومعنى "خضَّر" بمعجمتين حسَّن، وزنا ومعنى. وله شاهد في "الأوسط" من حديث أبي بشر الأنصاري بلفظ "إذا أراد الله بعبد سوءا أَنفق ماله في البنيان" وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أطين حائطًا فقال: الأمر أعجل من ذلك، وصححه الترمذي وابن حبان، وهذا كله محمول على ما لا تمس الحاجة إليه مما لابد منه للتوطن وما يقي البرد والحر، وقد أخرج أبو داود أيضًا من حديث أنس رفعه "أما أن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا" أي إلا ما لابد منه (?).