فسادها، وكان معظمًا لأبي الوفاء بن عقيل يتابعه في أكثر ما يجد في كلامه وإن كان قد ردَّ عليه في بعض المسائل، وكان ابن عقيل بارعًا في الكلام ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار، فلهذا يضطرب في هذا الباب وتتلون فيه آراؤه، وأبو الفرج تابع له في هذا التلون" (?).

كما "كان أستاذًا فريدًا في الوعظ وغيره، وقد كان فيه بهاء وترفع في نفسه وإعجاب وسمو بنفسه أكثر من مقامه، وذلك ظاهر في كلامه وفي نثره ونظمه، فمن ذلك قوله:

ما زلتُ أدركُ ما غلا بل ما علا ... وأكابدُ النهجَ العسيرَ الأطولا

تجرى بي الآمالُ في حلباتِه ... جريَ السعيدِ مدى ما أملا

أفضى بي التوفيق فيه إلى الذي ... أعيا سوايَ توصلًا وتغلغلا

لو كانَ هذا العلمُ شخصًا ناطقًا ... وسألتهُ هل زارَ مثليَ؟ قال: لا" (?)

ويكفي ابن الجوزي ما قاله ابن كثير فيه: "ولم يزل يؤرخ أخبار العالم حتى صار تاريخًا وما أحقه بقول الشاعر:

ما زلتَ تدأبُ في التاريخ مجتهدًا ... حتى رأيتكَ في التاريخِ مكتوبًا (?)

رابعًا: مكانته التربوية

يعتبر ابن الجوزي كغيره من علمائنا المسلمين، الذين ما زال تراثهم التربوي بحاجة إلى بحث ودراسة وإعادة صياغة بطريقة تربوية سليمة. وقد كان لبعض الأساتذة المتخصصين في مجال التربية رأيهم في تراث ابن الجوزي التربوي، فهذا د. حسن عبد العال يقول: "كان له -رحمه الله- مشاركات في مختلف العلوم والفنون، فلم يعدم الفكر التربوي مشاركته، فضمَّن مؤلفاته نظرات ثاقبة في تقويم الطباع ورياضة الولدان وتأديب الإنسان وسياسته، غير أن نظراته التربوية المتناثرة في مؤلفاته، التي تربو على (300) مصنف بين مخطوط ومطبوع، لم تجد طريقها حتى الآن إلى أيدي الناس، فما زال تراثه التربوي كتراث الكثيرين غيره من أعلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015