فكانوا يسمعون القران منه صلّى الله عليه وسلم مرارا، فيكون ذلك مراسا لهم على الحفظ وإتقان الأداء على ما هو معلوم من صلاته الجهرية، وحلقاته القرانية وإقرائه الفردي وتبليغه العام.
وقد أمر أن يؤمّ باقوم الأقرأ، وهذا يدل على اهتمامه بتعليمهم ما يتفاضلون فيه في القراءة، والأقرأ «محتمل لشيئين أحدهما أن يكون المراد به أحفظهم للقران، وهو المتبادر الثاني: أحسنهم تلاوة للقران باعتبار تجويد قراءته وترتيلها» (?) ، ولا شك أن الأكثر قراءة هو الذي جمع بين الأمرين وعليه عمل عامة المسلمين إلى اليوم.
فعن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الماهر بالقران مع السّفرة الكرام البررة والّذي يقرأ القران ويتتعتع فيه وهو عليه شاقّ وفي لفظ: والّذي يقرأ وهو يشتدّ عليه له أجران له أجران» (?) .
والماهر بالقران: أصل المهارة الحذق بالسباحة، والمراد بالمهارة بالقران جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردد فيه (?) ، فالماهر هو «الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه وإتقانه» (?) ، ولذا ففي رواية البخاري: «مثل الذي يقرأ القران وهو حافظ له» (?) فالماهر من اجتمع فيه