ويقولون أيضا: هؤلاء المسلمون المستضعفون يذبحون في بلادهم، والكنيسة الشرقية تتحد مع الكنيسة الغربية للفتك بالمسلمين، واليهود يخططون لاستئصالنا وأنتم تتكلمون في هذه الفرعيات وتثيرون الفرقة والفتنة.

والجواب: أن ترك الواجب الشرعي مخافة الفتنة الظنية هو في حد ذاته فتنة {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} (?) ولا تكون الفتنة حادثة بسبب التناصح بين المؤمنين بالتي هي أحسن وإنما تحدث من الجدل والعناد مع وضوح الحق وبيان الحجة.

إن ما ذكرتموه من إضطهاد المسلمين وضعفهم وتآمر أعدائهم إلخ كل هذا حق ولكنكم أتيتم من خلطكم بين الأمور، فكلامكم قد يكون حقا إذا سلمنا لكم أن التمسك بالفرعيات يتعارض مع مواجهة تآمر الأعداء وجهادهم، والحق أنه لا يلزم التعارض بينهما، إذ إن بيان الحق في الأمور الفرعية لا يتعارض مع جهاد الأعداء إذا كان الهدف هو حقا بيان الحق مع البعيد عن الجدل العقيم وقد واجه الرعيل الأول أخطارا تهدد كيانهم، ولم يحملهم ذلك على ترك الفرعيات وتقرير الحق فيها والزام أنفسهم باللازم منها، ومع ذلك سادوا الأمم، وأسقطوا عروش الكفرة وأقاموا صرح الإيمان شامخا، والذي يفت في عضد المسلمين هو من يجادل في الحق بعدما تبين، ويصر على عدم الانقياد له، ويثير الجدال بشبهات سقيمة، وليس من يدعوهم إلى التمسك بالكتاب والسنة، وإذا كان الكفار مخاطبين بفروع الشريعة على الأرجح (?) فكيف بالمسلمين الذين قال الله تعالى في حقهم: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015