فإذا جاء وقت فعل الأركان عمل فيه الشهوات، وزين له العدو، وماله به الهوى، حتى يفعل الفعل الذي يخيل إليك في الظاهر أنه لم يؤمن بعهد، فهو موحد بالقلب واللسان، ولكن لغلبة الشهوة وقوتها، فبظلمة هذا الهوى، ووسوسة هذا العود والتزين، غلب على القلب لا على ما في القلب، مما في القلب من المعرفة، فالقلب به مطمئن، ولكن صار مأسوراً مقهوراً، وهو أبداً لمن غلب عليه وقهره.
فخلق اللوح، وجرى القلم بمقادير الخلق، وخلق السموات والأرض، والظالمات والنور، والليل والنهار، والملائكة، والجنة والنار، والجن والشياطين، والجبال والبحار، والدواب والأقوات والمعايش، وسائر الخليقة.
ثم خلق آدم عليه السلام، فاصطفاه، وجعله بديع فطرته، وأسجد له ملائكته، وعلمه الأسماء، وأبان فضله وكرم بنيه، وحملهم في البر والبحر، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، وسخر له ولذريته ما في السموات والأرض