32ـ حسن الاستخدام للتكرار: فإن للتكرار أثرا كبيرا في جذب الانتباه، وتأكيد المعاني، وتقريرها في الأذهان.
والواعظ البارع يحسن استخدام التكرار، ويوقعه في موقعه اللائقة به؛ فإذا استدعى المقام التكرار، وكان فيه مزيد فائدة وتأكيد وتقرير كان لائقا حسنا.
وذلك كأن يكون في الكلام موضع اهتمام، ويخشى أن يمر على أذهان السامعين دون أن يستقر في نفوسهم.
وإذا كان التكرار بهذه المثابة فإنه يحسن بالواعظ أن يأخذ به عند الحاجة ما لم يجد أن المقام يستدعي الإيجاز.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بهذا الأسلوب، وربما أعاد الجملة ثلاث مرات إذا كان المقام يقتضي ذلك1.
ولهذا عقد الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه بابا بعنوان: "باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه".
وساق فيه عدة أحاديث، منها ما رواه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا سلم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثة"2.
وعن أنس ـ أيضا ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا؛ حتى تفهم عنه" الحديث3.
وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه، فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة ـ صلاة العصر ـ ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار".