من خالص البلور غير لونها ... فكأنها سبج يلوح ويلمع
إن نكسوها لم تمل ومليكها ... فيما حوته عاجلاً لا يطمع
ومتى أمالوها ارشف رضابها ... أداه فوها وهي لا تتمنع
فكأنها قلب رصين سره ... أبداً ويكتم كل ما يستودع
يمتاحها ماضي الشباة مذلق ... يجري بميدان الطروس فيسرع
رجلاه رأس عندها لكنه ... تلقاه برجفاة ساعة يطلع
فكأنه والحبر خضب رأسه ... شيخ لوصل خريدة يتصنع
لم لا ألاحظه بعين جلالة ... وبه إلى الله الصحائف ترفع
وقد قال بعض الكتاب: حكم الدواة أن تكون متوسطة في قدرها، نصفا في قدها، لا باللطيفة جداً فتقصر أقلامها، ولا بالكبيرة فيثقل حملها. لأن الكاتب - ولو كان وزيراً مائة غلام مرسومون بحمل دواته - مضطر في بعض الأوقات إلى حملها ووضعها ورفعها بين يدي رئيسه، حيث لا يحسن أن يتولى ذلك منها غيره، ولا يتحملها عنه سواه. وأن يكون عليها من الحلية أخف ما يتهيأ أن يتحلى الدوي به من وثاقة ولطف صنعة، ليأمن أن تنكسر أو تنفصم منها عروة في مجلس رياسة أو مقام محنة. وأن تكون الحلية ساذجة، لا حفر ولا ثبات فتحمل القذى والدنس، ولا نقش عليها ولا صورة لأن ذلك من زي أهل التوضع، لا سيما في آلة يستعان بها مثل هذه الصناعة الجليلة المستولية على تدبير المملكة، وإن أحرقت الفضة حتى يكون سوادها أكثر من بياضها، فإن ذلك أحسن وأبلغ في السرو وأشبه بقدر من لا يتكثر بالذهب والفضة.