قولهم: " لم يكُ " وهم يريدون " لم يكن "، ولم " أُبَلْ " وهم يريدون " لم أُبال "، ويختزلون من الكلام ما لا يتمُّ الكلام على الحقيقة إلا به، استخفافاً وإيجازاً، إذا عَرَف المخاطبُ ما يعنون به، نحو قول ذي الرمة ووصف حميراً:
فلمَّا لبِسْنَ اللَّيلَ أو حينَ نَصَّبَتْ ... لهُ منْ خَذَا آذَانِها وهوَ جَانِحُ
خُبِّرت عن الأصمعي أنه قال: أراد " أو حين أقبل الليل نصبت آذانها وكانت مسترخية والليل مائل على النهار " فحذف، وقال النَّمر بن تولب:
فإنَّ المنيَّةَ منْ يَخْشَهَا ... فسوفَ تُصادِفُهُ أيْنَمَا
أراد " أينما ذهب " أو " أينما كان " فحذف، ومثل هذا كثير في القرآن والشعر.
وربما لم يُمكن الكتَّاب أن يفصلوا بين المتشابهين بزيادة ولا نقصان فتركوهما على حالهما، واكتفوا بما يدل من متقدم الكلام ومتأخِّره