فقال: طُغيان في القلم. وكان هذا الرجل صاحب جِدٍّ، وأخا وَرَعٍ ودينٍ، لم يمزح بهذا القول، ولا كان الحَسَنُ أيضاً عنده ممن يُمازحُ.
ونستحبُّ له أيضاً أن يُنَزّل ألفاظه في كتبه فيجعلها على قدر الكاتب والمكتوب إليه، وأن لا يعطيَ خسيس الناس رفيع الكلام، ولا رفيع الناس وضيعَ الكلام؛ فإنِّي رأيت الكُتَّاب قد تركوا تفقّد هذا من أنفسهم، وخلَّطُوا فيه؛ فليس يفرقون بين من يكتب إليه فَرَأْيَكَ في كذا وبين من يكتب إليه فإنْ رأيت كذا ورأيك إنما يُكتبُ بها إلى الأكفاء والمساوين، لا يجوز أن يكتب بها إلى الرؤساء والأستاذِين؛ لأن فيها معنى الأمر، ولذلك نُصِبَتْ، ولا يَفْرُقون بين من يكتب إليه وأنا فعلتُ ذلك وبين من يكتب إليه ونحن فعلنا ذلك ونحن لا يكتب بها عن نفسه إلا آمرٌ أو ناهٍ؛ لأنها من كلام الملوك والعظماء، قال الله عزّ وجلّ:
) إنَّا نحنُ نزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لهُ لَحَافِظُونَ (وقال:) إنَّا كلَّ شيءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ (وعلى هذا الابتداء خوطبوا في الجواب، فقال تعالى حكاية عمن حضره الموت:) رَبّ ارجعونِ لَعَلّي أَعملُ صالحاً فيما تركتُ (ولم يقل