ونستحبُّ له - إن استطاع - أن يَعْدِلَ بكلامه عن الجهة التي تُلزمه مستثقَلَ الإعراب؛ ليَسْلم من اللحن وقباحة التقعير؛ فقد كان واصلُ بن عَطَاء سامَ نفسَه لِلُثْغَة كانت به إخراجَ الراء من كلامه، وكانت لُثْغَته على الراء؛ فلم يزل يَرُوضها حتى انقادت له طِبَاعُه، وأطاعه لسانه؛ فكان لا يتكلم في مجالس التناظر بكلمة فيها راء، وهذا أشدُّ وأعسر مَطْلَباً مما أردناه.
وليس حُكم الكتَاب في هذا الباب حُكم الكلام؛ لأن الإعراب لا يَقْبُح منه شيء في الكتَاب ولا يثقُلُ، وإنَّما يُكره فيه وَحْشِيُّ الغريب، وتعقيد الكلام، كقول بعض الكتَّاب في كتابه إلى العامل فوقه: " وأنا مُحتاجٌ إلى أنْ تُنْفِذَ إليَّ جَيْشاً لَجِباً عَرَمْرَمَا "، وقول آخر في كتابه: " عَضَبَ عارِضُ ألمٍ ألمَّ فأنهيتُه عُذْراً " وكان هذا الرجل قد أدرك صدراً من الزمان، وأُعطي بَسْطة في العلم واللسان، وكان لا يُشَان في كتابته إلا بتركِهِ سهلَ الألفاظ ومستعمل المعاني، وبلغني أن الحسن بن سهل أيام دولته رآه يكتب وقدر ردَّ عن هاء الله خطا من آخر السطر إلى أوله، فقال: ما هذا؟