ينبغي للقاضي أن يقضي بما في كتاب الله. فإن لم يجد فبما أتاه الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن لم يجد فبما أتاه عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فإن اختلفوا تخير من أقاويلهم أحسنها, واجتهد, وليس له أن يخالفهم جميعًا شيئًا من رأيه.
فإن لم يجد فبما جاء عنهم اجتهد فيه رأيه وقاسه بما جاءه عنهم. فإن أشكل عليه شاور رهطًا من أهل الفقه. فإن اختلفوا نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق, وقال فيه, فإن التبس على القاضي القضاء استشار رجالًا من أهل الفقه والصلاح. فأخذ بقولهم فأنفذه على الخصمين فهو حسن جاز.
وحكى الخصاف في كتاب أدب القاضي على مذهبهم إذا أشكل على القاضي فشاور فيه ففيها فهو في سعة أن يأخذ بقوله إذا لم يتبين للقاضي في ذلك رأي.
وإن تبين له فرأى خلاف رأي الفقه قضى برأي نفسه وإن كان الذي شاور أفقه منه.
(129) قال: وأجمعوا أنه إذا تبين للقاضي وجه الحكم فيما أشكل, أو لم تكن الدعوى مشكلة, وظهر وجوب البينة على المدعي, واليمين على من أنكر. أقبل القاضي على المدعي. فقال: قد أنكر ما أدعيت. فإن طلب [المدعى يمين] المدعى عليه فيما أنكر. فقد اختلف أهل العلم فيما يجب على القاضي فيه.