وَمن الْآفَات الْمَانِعَة عَن الرُّجُوع إِلَى الْحق أَن يكون الْمُتَكَلّم بِالْحَقِّ حدث السن بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يناظره أَو قَلِيل الْعلم أم الشُّهْرَة فِي النَّاس وَالْآخر بعكس ذَلِك فَإِنَّهُ قد تحمله حمية الْجَاهِلِيَّة والعصبية الشيطانية على التَّمَسُّك بِالْبَاطِلِ أَنَفَة من الرُّجُوع إِلَى قَول من هُوَ أَصْغَر مِنْهُ سنا أَو أقل مِنْهُ علما أَو أخْفى شهرة ظنا مِنْهُ أَن فِي ذَلِك عَلَيْهِ مَا يحط مِنْهُ وَينْقص مَا هُوَ فِيهِ
وَهَذَا الظَّن فَاسد فَإِن الْحَط وَالنَّقْص إِنَّمَا هُوَ فِي التصميم على الْبَاطِل والعلو والشرف فِي الرُّجُوع إِلَى الْحق بيد من كَانَ وعَلى أَي وَجه حصل
وَمن الْآفَات مَا يَقع تَارَة من الشُّيُوخ وَأُخْرَى من تلامذتهم فَإِن الشَّيْخ قد يُرِيد التظهر لمن يَأْخُذ عَنهُ بِأَنَّهُ بِمحل من التَّحْقِيق وبمكان من الإتقان فيحمله ذَلِك على دفع الْحق إِذا سبق فهمه إِلَى الْبَاطِل لِئَلَّا يظنّ من يَأْخُذ عَنهُ أَنه يُخطئ ويغلط
وَهُوَ لَو عرف مَا عِنْد ذَلِك الَّذِي يَأْخُذ عَنهُ الْعلم أَن رُجُوعه عَن الْخَطَأ إِلَى الصَّوَاب أعظم فِي عينه وَأجل عِنْده وزاده ذَلِك رَغْبَة فِيهِ ومحبة لَهُ وَإِذا اسْتمرّ على الْغَلَط وصمم على الْخَطَأ كَانَ عِنْده دون منزلَة الرُّجُوع إِلَى الْحق بمنازل
وَهَكَذَا التلميذ قد يخْطر بِبَالِهِ التزين لشيخه والتجمل عِنْده بِأَنَّهُ قوي الْفَهم سريع الْإِدْرَاك صَادِق التَّصَوُّر فيحمله ذَلِك على الْوُقُوف على مَا قد سبق إِلَى ذهنه من الْخَطَأ والتشبث بِمَا دفع لَهُ من الغلطُ