الْمُسلم حَقًا المحق وَإِن فعل مَا فعل وَمن خالفهم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَهُوَ الْمُبْطل المبتدع وَإِن كَانَ على جَانب من الْوَرع وحظ من التَّقْوَى لَا يقادر قدرهما وَقد يضمون إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة التظهر بِجَمِيعِ الصَّلَوَات وَترك الْجمع كَمَا قلته فِي أَبْيَات
(تشيع الأقوام فِي عصرنا ... منحصر فِي بدع تبتدع)
(عَدَاوَة السّنة والثلب للأسلاف ... وَالْجمع وَترك الْجمع)
وَأما معيار التَّشَيُّع فِي دَارنَا هَذِه عِنْد جمَاعَة من الزيدية لَا عِنْد جَمِيعهم فيزيدون على هَذِه الْأَرْبَع خَامِسَة وَهِي التظهر بترك بعض من سنَن الصَّلَاة كالرفع وَالضَّم فَإِن أهل الطَّبَقَة الَّتِي ذكرنَا لَك أَنَّهَا أصل الشَّرّ إِذا رَأَوْا من يفعل الرّفْع وَالضَّم وَنَحْوهمَا كالتوجه فِي الصَّلَاة بعد التَّكْبِير والتورك فِي التَّشَهُّد الْأَخير وَالدُّعَاء فِي الصَّلَاة بِغَيْر مَا قد عرفوه عادوه عَدَاوَة أَشد من عداوتهم للْيَهُود النَّصَارَى وظنوا أَنه على شَرِيعَة أُخْرَى وعَلى دين غير دين الْإِسْلَام وأوقعوا فِي أذهان الْعَوام أَنه ناصبي فانتقوا من فعله لهَذِهِ السّنَن أَو أَحدهَا إِلَى النصب الَّذِي هُوَ بغض عَليّ وحكموا عَلَيْهِ بِهِ حكما جَازِمًا فَانْظُر هَذَا الصنع الشنيع الَّذِي هُوَ شَبيه بلعب الصّبيان
وَمِمَّا أحكيه لَك إِنِّي أدْركْت فِي أَوَائِل أَيَّام طلبي رجلا يُقَال لَهُ الْفَقِيه صَالح النهمي قد اشْتهر فِي النَّاس بِالْعلمِ والزهد وَطلب عُلُوم الِاجْتِهَاد طلبا قَوِيا فأدركها إدراكا جيدا فَرفع يَدَيْهِ فِي بعض الصَّلَوَات وَرَآهُ يفعل ذَلِك بعض المدرسين فِي علم الْفِقْه الْمَشْهُورين بالتحقيق فِيهِ والإتقان لَهُ فَقَالَ الْيَوْم ارْتَدَّ الْفَقِيه صَالح
فَانْظُر هَذِه الْكَلِمَة من مثل هَذَا مَعَ شهرته فِي النَّاس واجتماع كثير من طيلة علم الْفُرُوع عَلَيْهِ فِي جَامع صنعاء وشيبه الناصع وثيابه الْحَسَنَة كَيفَ موقعها فِي قُلُوب الْعَامَّة وَمَا تراهم يَعْتَقِدُونَ فِي الْفَاعِل لذَلِك بعد هَذَا
فأبعد الله هَذَا عَالما وَذهب بِهَذَا علما وَإِن كَانَ لَا عَالم وَلَا علم فَإِن من لَا يعقل الْحجَّة وَلَا يفهم إِلَّا مُجَرّد الرَّأْي لَا الرِّوَايَة لَيْسَ من الْعلم فِي شَيْء