وَلَيْسَ بعجيب خذلان من خذلني وَلم يقم بنصري وَلم يصدع بِالْحَقِّ فِي أَمْرِي من عُلَمَاء صنعاء العارفين بالعلوم المتمسكين مِنْهَا بِجَانِب يفرقون بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل فثورة الْعَامَّة يتقيها غَالب النَّاس وَلَا سِيمَا إِذا حطبوا فِي جبل من ينتمي إِلَى دولة ويتصل بِملك ويتأيد بصولة ويأبى الله إِلَّا أَن يتم نوره وينصر دينه وَيُؤَيّد شَرعه
وَبِالْجُمْلَةِ فالشرح لما حدث لي من الْحَوَادِث فِي هَذَا الشَّأْن يطول وَلَو ذهبت أسردها وأذكر مَا تعقبها من ألطاف الله الَّتِي هِيَ من أعظم العبر ومنحه الَّتِي لَا تبلغها الأفهام وَلَا تحيط بهَا الأوهام لم يَفِ بذلك إِلَّا مُصَنف مُسْتَقل
وَلَيْسَ الْمَقْصُود هَهُنَا إِلَّا مَا نَحن بصدد من تنشيط طَالب الْعلم وترغيبه فِي التَّمَسُّك بالإنصاف والتحلي بحلبة الْحق والتلبس بلباس الصدْق وتعريفه بِأَن قِيَامه فِي هَذَا الْمقَام كَمَا أَنه سَبَب الْفَوْز بِخَير الْآخِرَة هُوَ أَيْضا سَبَب الْوُصُول إِلَى مَا تطلبه أهل الدُّنْيَا من الدُّنْيَا وَأَن لَهُ الثأر على من خَالفه والظهور على من ناوأه فِي حَيَاته وَبعد مَوته وَأَنه بِهَذِهِ الْخصْلَة الشَّرِيفَة الَّتِي هِيَ الْإِنْصَاف ينشر الله علومه وَيظْهر فِي النَّاس أمره وَيَرْفَعهُ إِلَى مقَام لَا يصل إِلَى أدنى مراتبه من يتعصب فِي الدّين وَيطْلب رِضَاء النَّاس بإسخاط رب الْعَالمين
وَمن جملَة الْأَسْبَاب الَّتِي يتسبب عَنْهَا ترك الْإِنْصَاف ويصدر عَنْهَا الْبعد عَن الْحق وكتم الْحجَّة وَعدم مَا أوجبه الله من الْبَيَان حب الشّرف وَالْمَال اللَّذين هما أعدى على الْإِنْسَان من ذئبين ضاريين كَمَا وصف ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذَا هُوَ السَّبَب الَّذِي حرف بِهِ أهل الْكتاب كتب الله الْمنزلَة على رسله وكتموا مَا جَاءَهُم فِيهَا من الْبَينَات وَالْهدى كَمَا