لَيست وَصِيَّة الضرار فَإِن تِلْكَ قد أخرجهَا الله من عُمُوم مَشْرُوعِيَّة الْوَصِيَّة بقوله (غير مضار) وأخرجها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا تقدم من الْوَعيد الشَّديد لمن يضار فِي وَصيته وَيمْنَع الْوَصِيَّة للْوَارِث حَتَّى ثَبت فِي بعض الرِّوَايَات بِلَفْظ لَا تجوز وَصِيَّة لوَارث وَقد أوضحته فِي أبحاث مُتعَدِّدَة من مصنفاتي وَلَيْسَ المُرَاد هَهُنَا إِلَّا إرشاد طَالب إنصاف إِلَى عدم الاغترار بِمَا يَفْعَله المتلاعبون بِأَحْكَام الشَّرْع من تَسْمِيَة أُمُور تصدر عَنْهُم من الطاغوت بأسماء شَرْعِيَّة مخادعة لأَنْفُسِهِمْ واستدراجا لمن لَا فهم عِنْده وَلَا بحث عَن الْحَقَائِق
وَهَذِه الذريعة الشيطانية قد عَمت وطمت خُصُوصا أهل الْبَادِيَة فَإِنَّهُ بقى فِي أنفسهم مَا كَانَت عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّة الأولى من عدم تَوْرِيث الْإِنَاث وَمن لاحظ لَهُ عِنْدهم من الْوَرَثَة وَإِن كَانُوا ذُكُورا فأرادوا الِاقْتِدَاء بهم وَلَكنهُمْ لما كَانُوا مخبوطين بِسَوْط الشَّرْع مقهورين بِسَيْفِهِ نصبوا هَذِه الْوَسَائِل الملعونة فَقَالُوا نذرنا وهبنا أَو وصينا وساعدهم على ذَلِك طَائِفَة من الْمُقَصِّرِينَ الَّذين لَا يعْقلُونَ الصَّوَاب وَلَا يفهمون ربط المسببات بأسبابها فحرروا لَهُم تحريرات على أبلغ مَا يُفِيد النّفُوذ وَالصِّحَّة طَمَعا فِيمَا يتعجلونه من الحطام الَّذِي هُوَ من أقبح أَنْوَاع السُّحت فَإِن مَا يأخذونه على ذَلِك هُوَ حرَام كَمَا ثَبت عَن الشَّارِع من تَحْرِيم حلوان الكاهن وَأجر الْبَغي وَمَا يَأْخُذهُ من يعلم كتاب الله وَنَحْو ذَلِك من الْأُمُور
وَلَا يشك من يفهم الْحجَج الشَّرْعِيَّة أَن سَبَب تَحْرِيم ذَلِك هُوَ كَونه على تَحْلِيل حرَام أَو تَحْرِيم حَلَال وَهَذَا الَّذِي يكْتب هَذِه المكاتيب الطاغوتية المتضمنة لمُخَالفَة مَا شَرعه الله من لِعِبَادِهِ من الْمَوَارِيث وَقدره لَهُم فِي كِتَابه وَقَيده بِعَدَمِ الضرار هُوَ أولى بِتَحْرِيم مَا يَأْخُذهُ من أُولَئِكَ