أما الْكَذِب على الله فلكونهم زَعَمُوا عَلَيْهِ أَنه أذن لَهُم وسوغه لَهُم وَهُوَ كذب بحت وزور مَحْض وَإِن كَانُوا لَا يَعْتَقِدُونَ ذَلِك بل جَعَلُوهُ من عِنْد أنفسهم جرْأَة وعنادا ومكرا وخداعا فَالْأَمْر أَشد والقضية أعظم
وَأما كذبهمْ على الشَّرِيعَة فلكونهم جعلُوا مَا نصبوه من الْحِيَل الملعونة والذرائع الشيطانية والوسائل الطاغوتية من جملَة الشَّرِيعَة وَمن مسائلها ودونوه فِي كتب الْعِبَادَات والمعاملات
وَأما الْكَذِب على عباده فلكونهم ذَهَبُوا إِلَيْهِم فخدعوهم وماكروهم بِأَن مَا أوجبه الله من كَذَا لَيْسَ بِوَاجِب وَمَا حرمه من كَذَا لَيْسَ بِمحرم إِذا فعلوا كَذَا أَو قَالُوا كَذَا
وَمَا أشبه هَذَا بِمَا كَانَ يصنعه رُؤَسَاء الْجَاهِلِيَّة لأَهْلهَا من التلاعب بهم كَمَا يتلاعب الصّبيان والمجانين وكما يصنعه المجان وَأهل الدعاية فَإِن تَحْرِيم الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحام وَكَذَلِكَ مَا كَانَ يَفْعَلُونَهُ من النسئ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ من الميسر والأنصاب والأزلام وَمَا كَانُوا يعتمدونه من يطوف بِالْبَيْتِ الْحَرَام من تِلْكَ الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ أشبه بِأَفْعَال المجانين كالتعري وَمَا يشاكله لَا مقصد لرؤساء الْجَاهِلِيَّة بِهَذِهِ الْأُمُور الَّتِي كَانُوا يفعلونها ويأمرون الْعباد بهَا إِلَّا مُجَرّد ارْتِفَاع الذّكر وَإِظْهَار اقتدارهم على تَنْفِيذ مَا يريدونه وَقبُول النَّاس لما يأمرونهم بِهِ وَإِن كَانَت أُمُور متكررة وبلايا مُتعَدِّدَة وأعمالا شاقة
فَتدبر هَذَا وتأمله لتَكون على حذر من نفاق مَا جَاءُوا بِهِ من الْحِيَل الْبَاطِلَة عنْدك وَإِلَّا كنت كالبهيمة الَّتِي لَا تمنع ظهرهَا من رَاكب وَلَا تستعصى على مُسْتَعْمل
وَقد دلّت أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة على هَذَا وَكَفاك بِمَا قصَّة الله سُبْحَانَهُ علينا من حِيلَة أهل السبت وَقد أورد البُخَارِيّ فِي = كتاب الْحِيَل = من صَحِيحه