من جلب مصلحَة أَو دفع مفْسدَة زَائِدَة على مَا فِي الأولى من النَّفْع وَالدَّفْع
وَهَكَذَا بالتقييد كَمَا وَقع فِي قَوْله تَعَالَى (غير أولى الضَّرَر) وَقَوله عز وَجل (من الْفجْر) وَنَحْو ذَلِك كثير جدا
وَقد كَانَ دينه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهجيره الْإِرْشَاد إِلَى التَّيْسِير دون التعسير وَإِلَى التبشير دون التنفير فَكَانَ يَقُول يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا وَلَا تنفرُوا
وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرشد إِلَى الألفة واجتماع الْأَمر وينفر عَن الْفرْقَة وَالِاخْتِلَاف لما فِي الألفة والاجتماع من الجلب للْمصَالح وَالدَّفْع للمفاسد وَفِي الْفرْقَة وَالِاخْتِلَاف من عكس ذَلِك
فالعالم المرتاض بِمَا جَاءَنَا عَن الشَّارِع الَّذِي بَعثه الله تَعَالَى متمما لمكارم الْأَخْلَاق إِذا أَخذ نَفسه فِي تَعْلِيم الْعباد وإرشادهم إِلَى الْحق وجذبهم عَن الْبَاطِل ودفعهم عَن الْبدع وَالْأَخْذ بحجزهم عَن كل مزلقة من المزالق مدحضة من المداحض بالأخلاق النَّبَوِيَّة وَالشَّمَائِل المصطفوية الْوَارِدَة فِي الْكتاب الْعَزِيز وَالسّنة المطهرة فيسر وَلم يعسر وَبشر وَلم ينفر وأرشد إِلَى ائتلاف الْقُلُوب واجتماعها وَنهى عَن التَّفَرُّق وَالِاخْتِلَاف وَجعل غَايَة همه وأقصى رغبته جلب الْمصَالح الدِّينِيَّة للعباد وَدفع الْمَفَاسِد عَنْهُم كَانَ من أَنْفَع دعاة الْمُسلمين وأنجع الحاملين لحجج رب الْعَالمين وانجذبت لَهُ الْقُلُوب ومالت إِلَيْهِ الْأَنْفس وتذلل لَهُ الصعب وتسهل عَلَيْهِ الوعر وانقلب لَهُ المتعصب منصفا والمبتدع متسننا وَرغب فِي الْخَيْر من لم يكن يرغب فِيهِ