لشرفه ويعتقد أَنه أشرف مطلب من مطَالب الدّين وَالدُّنْيَا وَأَنه يصغر عِنْده الْملك فضلا عَمَّا هُوَ دونه
وَلَا أَقُول إِن أهل الْعلم العارفين بِهِ المطلعين على أسراره يمْنَعُونَ أنفسهم من المناصب الدِّينِيَّة
وَكَيف أَقُول بِهَذَا وَهَذِه المناصب إِذا لم ترْبط بهم ضَاعَت وَإِذا لم يدْخل فِيهَا الْأَخْبَار تتَابع فِيهَا الأشرار وَإِذا لم يقم بهَا أهل الْعلم قَامَ بهَا أهل الْجَهْل وَإِذا أدبر عَنْهَا أهل الْوَرع أقبل إِلَيْهَا أهل الْجور
وَكَيف أَقُول هَذَا وَأهل الْعلم هم المأمورون بالحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَالْعدْل والقسط وَمَا أنزل الله وَمَا أَرَاهُم الله الْقيام بَين النَّاس بحججه والتبليغ لأحكامه وتذكيرهم بِمَا أَمر الله بالتذكير بِهِ وإرشادهم إِلَى مَا أرشدهم الله إِلَيْهِ وَلأَهل الْقَضَاء والإفتاء وَنَحْوهَا من هَذِه الْأُمُور أوفر نصيب وأكبر حَظّ
وَلَكِنِّي أَقُول إِنَّه يَنْبَغِي لطَالب الْعلم أَن يَطْلُبهُ كَمَا يَنْبَغِي ويتعلمه على الْوَجْه الَّذِي يُريدهُ الله مِنْهُ مُعْتَقدًا أَنه أَعلَى أُمُور الدّين وَالدُّنْيَا راجيا أَن ينفع بِهِ عباد الله بعد الْوُصُول إِلَى الْفَائِدَة مِنْهُ وَمن جملَة النَّفْع إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ الْمُلُوك وَأهل الدُّنْيَا أَن يَلِي منصبا من المناصب فطلبوا مِنْهُ ذَلِك وعولوا عَلَيْهِ فِي الْإِجَابَة معترفين بِحَق الْعلم منقادين إِلَى مَا يُوجِبهُ الشَّرْع معظمين لما أوجب الله تَعْظِيمه وَكَانَ قد بلغ إِلَى منزلَة فِي الْعلم تصلح لذَلِك المنصب وَشهد لَهُ أهل الْعلم بِكَمَال التأهيل وإحراز عدته فَهَذَا إِذا كَانَ الْحَال هَكَذَا لَا يحل لَهُ أَن يمْتَنع من الْإِجَابَة أَو يَأْتِي من قبُول ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك كَانَ تَارِكًا لما أوجبه الله عَلَيْهِ من الْقيام بحجته وَنشر أَحْكَامه وإرشاد عباده إِلَى