خَلِّ النِّفَاقَ لِأَهْلِهِ ... وَعَلَيْك فَالْتَمِسْ الطَّرِيقَا

وَارْغَبْ بِنَفْسِك أَنْ تُرَى ... إلَّا عَدُوًّا أَوْ صَدِيقَا

وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ:

وَكَمْ مِنْ صَدِيقٍ وُدُّهُ بِلِسَانِهِ ... خَئُونٌ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لَا يَتَذَمَّمُ

يُضَاحِكُنِي عَجَبًا إذَا مَا لَقِيتُهُ ... وَيَصْدُفُنِي مِنْهُ إذَا غِبْتُ أَسْهُمُ

كَذَلِكَ ذُو الْوَجْهَيْنِ يُرْضِيك شَاهِدًا ... وَفِي غَيْبِهِ إنْ غَابَ صَابٌ وَعَلْقَمُ

وَرُبَّمَا تَغَيَّرَ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْوَطَاءُ إلَى الشَّرَاسَةِ وَالْبَذَاءِ لِأَسْبَابٍ عَارِضَةٍ، وَأُمُورٍ طَارِئَةٍ، تَجْعَلُ اللِّينَ خُشُونَةً وَالْوَطَاءَ غِلْظَةً وَالطَّلَاقَةَ عُبُوسًا. فَمِنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ الْوِلَايَةُ الَّتِي تُحْدِثُ فِي الْأَخْلَاقِ تَغَيُّرًا، وَعَلَى الْخُلَطَاءِ تَنَكُّرًا، إمَّا مِنْ لُؤْمِ طَبْعٍ، وَإِمَّا مِنْ ضِيقِ صَدْرٍ. وَقَدْ قِيلَ: مَنْ تَاهَ فِي وِلَايَتِهِ ذَلَّ فِي عَزْلِهِ. وَقِيلَ: ذُلُّ الْعَزْلِ يُضْحِكُ مِنْ تِيهِ الْوِلَايَةِ. وَمِنْهَا: الْعَزْلُ فَقَدْ يَسُوءُ بِهِ الْخُلُقُ وَيَضِيقُ بِهِ الصَّدْرُ إمَّا لِشِدَّةِ أَسَفٍ أَوْ لِقِلَّةِ صَبْرٍ.

حَكَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ عُزِلَ عَنْ وِلَايَةٍ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: إنِّي وَجَدْتهَا حُلْوَةَ الرَّضَاعِ مَرَّةَ الْفِطَامِ. وَمِنْهَا: الْغِنَى فَقَدْ تَتَغَيَّرُ بِهِ أَخْلَاقُ اللَّئِيمِ بَطَرًا، وَتَسُوءُ طَرَائِقُهُ أَشَرًا. وَقَدْ قِيلَ: مَنْ نَالَ اسْتَطَالَ.

وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ:

غَضْبَانُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالَ سَاقٍ لَهُ ... مَا لَمْ يَسْقِهِ لَهُ دِينٌ وَلَا خُلُقُ

فَمَنْ يَكُنْ عَنْ كِرَامِ النَّاسِ يَسْأَلُنِي ... فَأَكْرَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَتْ لَهُ وَرِقُ

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

فَإِنْ تَكُنْ الدُّنْيَا أَنَالَتْك ثَرْوَةً ... فَأَصْبَحْت ذَا يُسْرٍ وَقَدْ كُنْت ذَا عُسْرِ

لَقَدْ كَشَفَ الْإِثْرَاءُ مِنْك خَلَائِقًا ... مِنْ اللُّؤْمِ كَانَتْ تَحْتَ ثَوْبٍ مِنْ الْفَقْرِ

وَبِحَسَبِ مَا أَفْسَدَهُ الْغِنَى كَذَلِكَ يُصْلِحُهُ الْفَقْرُ.

وَكَتَبَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ إلَى الْحَجَّاجِ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ الْتَاثُوا عَلَيْهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنْ اقْطَعْ عَنْهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015