لقد اختلف السلف الصالح رضوان الله عليهم، لكن اختلافهم في الرأي لم يكن سببا لافتراقهم، انهم اختلفوا لكنهم لم يتفرقوا، لان وحدة القلوب كانت اكبر من ان ينال منها شيء، انهم تخلصوا من العلل النفسية وان اصيب بعضهم بخطأ الجوارح، وكان الرجل الذي بشر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بطلعته عليهم واخبرهم انه من اهل الجنة، هو الذي استكنهوا امره وعمله فتبين انه لاينام وفي قلبه غل على مسلم ... اما نحن اليوم فمصيبتنا في نفوسنا وقلوبنا، لذلك فان معظم مظاهر التوحد والدعوة اليه والانتصار له انما هي عبارة عن مخادعة للنفس، ومظاهر خارجية قد لا نختلف فيها كثيرا عن غيرنا والله تعالى يقول: «وذروا ظاهر الاثم وباطنه» «الانعام:120» . فالعالم الاسلامي بعد ان كان دولة واحدة تدين بالمشروعية العليا لكتاب الله تعلى وسنة رسوله اصبح اليوم سبعا وثمانين دويلة او يزيد، والاختلافات بينهم لايعلم مداها لا الله، وكلها ترفع شعارات الوحدة، بل قد توجد ضمن الدولة الواحدة كيانات عدة. وليس واقع بعض العاملين للاسلام اليوم الذين تناط بهم مهمة الانقاذ احسن حالا من مؤسساتهم الرسمية ... ان ازمتنا ازمة فكر، ومشكلتنا في عدم صدق الانتماء، والامة المسلمة عندما سلم لها عالم افكارها، وكانت المشروعية العليا الاساسية في حياتها للكتاب والسنة استطاعت ان تحمل رسالة وتقيم حضارة على الرغم من شظف العيش وقسوة الظروف المادية، فكان مع العسر يسر ... ذلك ان الحيدة عن الكتاب والسنة موقع في التنازع والفشل، قال تعالى. «واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ... » «الانفال:46» . لقد اوقف الاسلام التشرذم والتآكل الداخلي ووجه العرب وجهة الاله الواحد الحق والغى الآلهة المزيفة حيث كان لكل قبيلة الهها الذي تتجه اليه. اما المسلمون اليوم في مواقعهم الكثيرة فانهم لا يشكون من قلة المادة وتوفر الاشياء، ومع ذلك انقلبوا الى امة مستهلكة على